يعلو الأيادي التي ذكرتها!
فقال معاوية: وكيف ذلك؟
قال: لأني طمست لك الشمس بالطين نهارا، والقمر بالعهن المنفوش ليلا، وأبطلت حقا وحققت باطلا حتى سحرت أعين الناظرين وآذان السامعين في إخفاء أودك وإطفاء نور غيرك، فهل رأيت حقا كان أحق من علي - الهمام الهزبر الضرغام الليث المقدام، السيد الإمام والبدر التمام - قرابة وشجاعة ونسبا وعلما وحسبا وفضلا وصلاة وصياما وعدلا وطهارة وجودا وكرما وآثارا حسنة في الإسلام؟!
وهل رأيت باطلا أبطل منك أولا وآخرا، اللعين ابن اللعين، والطليق ابن الطليق، وثن ابن وثن، مترددا في الطلقاء، ومن أبناء الطلقاء، جميع الآثار القبيحة لك ولأبيك ولسلفك في الإسلام، حتى خفت أني لو لقيت ربي تبارك وتعالى بأحسن أعمال العاملين مع فعلي مع أهل البيت الطاهرين لم أنج من النار قط؟!
فكيف تمن علي بإحسانك إلي؟! وأنا فرشت لك الخلافة، وشددت الخيبة، وصرعت أعلم الناس وسيد العرب ومن معه لك، وأنت في قعر جب يابس، آيسا من كل خير، متوقعا كل شر، فدفعتك بلطيف حيلتي فإذا أنت في أعلاه، ثم دفعتك أخرى فإذا أنت في قلة الفخر والسلطان؛ ينفذ قولك في القريب وخاتمك في البعيد، وأنا أخاف على نفسي أن أموت بالمقت والخسران ولم يرحمني ربي برحمته، والله يقول في كتابه: (سلم على إل ياسين * إنا كذ لك نجزى المحسنين) (1).
ورأيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب الناس ويقول: " أنا وعلي من طينة واحدة طيبة إلى آدم، ولم يدخلنا شيء من نكاح الجاهلية ".
وسمعت رسول الله يقول: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما، وأمهما سيدة نساء العالمين ". ثم بكى عمرو.