[قال:] ومكثنا كذلك زمانا، وكان أفضل من لقيت، وكنت آنس به، وكان من فضله أن يخرج بغنمه يرعى وينزل بالمكان الجدب (1) فيصير ما حواليه أخضر! وكان إذا جاء المطر جعل غنمه حوله وصنع مثل الإكليل (2) فلم يصب خيمته وغنمه شيء من الأذى! وإذا جاء الصيف كان على رأسه أينما توجه سحابة تظله! وكان بين الفضل، كثير الصوم والصلاة.
[قال:] فحضرته الوفاة [فدعيت إليه] فقلت له: ما سبب مرضك ولم أعلم به؟
قال: ذكرت خطيئة كنت أتيتها في حداثة سني، فغشي علي وأورثني ذلك ما تراه من المرض، وإني موصيك ومستودعك إن لقيت محمدا نبي الرحمة فأقرئه مني السلام، وإن لقيت وصيه فأبلغه سلامي، ومات إلى رحمة الله تعالى. [قال الديراني:] وإني موصيكم (3) إلى وصي أحمد مني ومن صاحبي السلام.
قال سهل بن حنيف: فلما رجعنا إلى المدينة أتيت عليا (عليه السلام) وأخبرته خبر الديراني وما جرى لنا معه وخبر خالد، وما حملنا الديراني إليه منه وعن صاحبه.
[قال:] فقال: " وعليهما السلام، وعليك يا سهل السلام " وما رأيته أكثرت بما أخبرته من خالد بن الوليد وما قال، وما رد عليه فيه شيئا، إلا أنه قال: " يا سهل، إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يبق بين السماء والأرض شيء إلا علم أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أشقى الثقلين وعماتهما، ولم يبق فوق الأرض شيء إلا علم أني وصي رسول الله وأخوه إلا أشقى الثقلين وعصاتهما ".
قال سهل: فعبرنا زمانا ونسيت ذلك، فلما كان من أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام) وما كان من معاوية ورجعنا من صفين نزلنا أرضا قفرا ليس بها ماء، فشكونا ذلك إلى أمير المؤمنين، فانطلق يمشي على قدميه فانتهى إلى موضع كأنه يعرفه، فقال: