قلت: وكيف تردد عمار وحذيفة في أمرهما (1) بعدما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى تولياهما؟
قال: إنهما أظهرا بعد ذلك التوبة والندامة، وادعى عجلهم منزلة وشهد لهم سامريهم والثلاثة معهم بأنهم سمعوا ذلك من رسول الله وقالوا: هذا أمر قد حدث بعد الأول، فشكا فيمن شك منهم، إلا أنهما قد تابا وندما وعرفا وسلما لأمير المؤمنين (عليه السلام).
قال سليم: فلقيت عمارا في خلافة عثمان بعدما مات أبو ذر (رحمه الله) فأخبرته بما قال أبو ذر لي، فقال: صدق [أخي] أبو ذر، [إنه لأبر وأصدق من أن يحدث عن عمار بما لا يسمع منه.
فقلت: أصلحك الله، أتصدق أبا ذر؟ قال: أشهد لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ولا أبر ". قلت: يا نبي الله، ولا أهل بيتك؟ قال: " إنما أعني غيرهم من الناس "].
ثم لقيت حذيفة بالمدينة (2) - ورحلت إليه من الكوفة - فذكرت ذلك له وما قال أبو ذر، فقال: سبحان الله! أبو ذر أصدق وأبر من أن يحدث عن عمار ما لم يسمعه منه.
فقلت له: أصلحك الله: أتصدق أبا ذر؟ قال: أشهد أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء [على ذي لهجة] أصدق ولا أبر من أبي ذر الغفاري ". فقلت أنا - وعمار يسمع -: يا نبي الله ولا أهل بيتك؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" إنما أعني في ذلك [غيرهم] من الناس " (3).