وصنف: توجهوا إلى الله جل جلاله، وهم ذاكرون ما تولاه الله جل جلاله بهم من بناء السماوات والأرضين وما بينهما، وفيهما من منافع الدنيا والدين، وتسييرهم من لدن آدم عليه أفضل التحيات في طرقات مخافات الولادات، والنجاة من آفات ألوف سنين إلى حين هذه الغايات، وقيامه لهم خلفا بعد سلف، بما احتاجوا إليه من الأقوات وجميع الحاجات، فأخجلهم ما مضى من انعامه وما حضر من اكرامه طلب شئ آخر من شريف مقامه.
وصنف: رأو ان بضائع فما مكنهم فيه من الاختيار قد عاملوه فيها بالخسران، وودائع ما سلم إليهم من الاقتدار على عمارة دار القرار قد خانوا فيها في (3) السر والاعلان، فكساهم ذل الخيانة في الأمانة عار الخجل والوجل، حتى ما بقي عندهم فراغ لرجاء ولا أمل.
وصنف: خرجوا يوم العيد على مراكب دالة أعمالهم (1) والتبسط في سؤالهم، لابسين ثوب الغفلة عن خالق مراكب امكانهم وفاطر قالب أعمالهم مدة حياتهم وزمانهم، وعن المنة عليهم في الإنشاء والبقاء، وما اشتمل عليه وجودهم من النعماء والآلاء، فهؤلاء كالعميان المحتاجين إلى قائد، وكالمرضى الذين يحتاجون إلى طبيب يقبلون منه.
وصنف: خرجوا يطلبون اجرة ما عملوه في شهر رمضان، وقد بسطوا على أنفسهم لسان حال المحاسبة لهم على ما عمل معهم مولاهم من الاحسان.
وقال لسان حال عدله: إذا كان كل منكم يطلب اجرة فعله، فاذكروا أفعالنا لأجلكم قبل وجودكم ومدة حياتكم من لدن أبيكم آدم، وعملنا مع آبائكم وأمهاتكم وجدودكم، وفكروا في اجرة كل من استخدمناه في مصلحتكم، من الملائكة والأنبياء والمرسلين والملوك والسلاطين وغيرهم، من جميع عبيدنا من الماضين والحاضرين، فانظروا مقدار الفاضل عن اجرة أعمالنا، فادوه إلينا، ثم تعرضوا لسؤالنا، حيث عدلتم عن باب الاعتراف لنا بالفضل، ووقفتم على باب طلب الأجرة بالعدل.