أقول: وكنت أجد جماعة من أصحابنا يأخذون التربة الشريفة من ضريح مولانا الحسين عليه السلام والصلاة والرضوان، ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان.
فقلت لمن قلت له منهم: هل وجدتم أثرا أو خبرا بأخذ هذه التربة في هذه الليلة؟
فقالوا: لا، لكن نرجو أن يكون ليلة القدر، فقلت: فما أراكم تتركون بعد هذه الليلة الدعاء في كل يوم بالظفر بليلة القدر من تمام العشر الأخير، ولأنها لو كانت ليلة القدر على التقدير من أين عرفتم ان ليلة القدر المنيفة محل لأخذ التربة الشريفة.
ثم قلت: كان مقتضى المعقول وظواهر المنقول يقتضي أن يكون أخذ التربة للشفاء والدواء ودفع أنواع البلاء في وقت اطلاق الجوائز للأنام، وهو يوم جوائز شهر الصيام، فيسأل العبد يوم العيد أن يكون من جملة جوائزه التي ينعم الله جل جلاله بها عليه الاذن في اخذ تربة الحسين عليه السلام، فيأتي أخذها في وقت اطلاق العطايا والمواهب الجزيلة، مناسبا لاطلاق التربة المقدسة الجليلة.
أقول: وما هذا الحديث وما رويناه من أمثاله، منافيا لما ذكرناه من كيفية التوجه إلى الله جل جلاله والظفر بأفضاله واقباله، لان الله جل جلاله إنما يعطى الجوائز مع الأدب بين يديه والاخلاص في الاقبال عليه، وقد كشفنا لك في الوجوه التي أشرنا إليها ما حضرنا وأذن لنا في التنبيه عليها، فاختر لنفسك ما أنت محتاج إليه على قدر وجود المالك الذي تقف بين يديه، وعلى قدر اليوم الذي اطلق الجوائز لكل محتاج إليه، وعلى قدر فقرك في الدنيا ويوم القدوم عليه.
وليكن من جملة مطالبك ومآربك ان تقول:
يا كريم يا جواد يا عواد، ان عادة الملك الجواد، إذا أسقط ماله على وفوده وجنوده، أبقى ما لهم عليه من عوائد مراحمه ومكارم وجوده، فحيث قد أسقطت عنا وظائف العبادات في شهر رمضان، فأبق علينا دوام ما كان فيه من العنايات والسعادات، والأمان والرضوان وكمال الاحسان.