ووعدهم به جده محمد عليهما أفضل الصلوات على قدومه، ما لو كان حاضرا ظفروا به من السعادات، ليراهم الله جل جلاله على قدم الصفا والوفاء لملوكهم الذين كانوا سبب سعادتهم في الدنيا ويوم الوعيد وليقولوا ما معناه:
أردد طرفي في الديار فلا أرى * وجوه أحبائي الذين أريد فالمصيبة بفقده على أهل الأديان، أعظم من المصيبة بفقد شهر رمضان، فلو كانوا قد فقدوا والدا شفيقا أو أخا معاضدا شقيقا، أو ولدا بارا رفيقا، أما كانوا يستوحشون لفقده، ويتوجعون لبعده، وأين الانتفاع بهؤلاء من الانتفاع بالمهدي خليفة خاتم الأنبياء، وإمام عيسى بن مريم في الصلاة والولاء، ومزيل أنواع البلاء ومصلح أمور جميع من تحت السماء.
ذكر ما يحسن أن يكون أواخر ملاطفته لمالك نعمته، واستدعاء رحمته:
وهو ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه باسناده إلى محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
كان علي بن الحسين عليه إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له ولا أمة، وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده أذنب فلان، أذنبت فلانة، يوم كذا وكذا، ولم يعاقبه فيجتمع عليهم الأدب (1).
حتى إذا كان آخر الليلة من شهر رمضان، دعاهم وجمعهم حوله، ثم أظهر الكتاب ثم قال: يا فلان فعلت كذا وكذا ولم أؤدبك أتذكر ذلك؟ فيقول:
بلى يا بن رسول الله، حتى يأتي على آخرهم ويقررهم جميعا.
ثم يقول وسطهم ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم وقولوا: يا علي بن الحسين إن بك قد أحصى عليك كل ما عملت، كما أحصيت علينا كل ما عملنا، ولديه كتاب ينطق عليك بالحق، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت إلا أحصاها، وتجد كل ما عملت لديه حاضرا، كما وجدنا كل ما عملنا لديك حاضرا، واصفح كما ترجو من المليك