ما لا يحصيها الإنسان، ولو بالغ في اجتهاده.
فلا يقتضي العقل والنقل أن يعبد لأجل طلب الثواب، بل يعبد اله جل جلاله لأنه أهل للعبادة، وله المنة عليك كيف رفعك عن مقام التراب والدواب وجعلك أهلا للخطاب والجواب ووعدك بدوام نعيم دار الثواب.
واعلم أن من مكاسب إحدى هذه الليالي المشار إليها لمن عبد الله جل جلاله، على ما ذكرناه من النية التي نبهنا عليها، ما رويناه بإسنادنا إلى ابن فضال باسناده إلى عبد الله بن سنان قال:
سألته عن النصف من شعبان، فقال: ما عندي فيه شئ، ولكن إذا كان ليلة تسع عشرة من شهر رمضان قسم فيه الأرزاق، وكتب فيها الآجال، وخرج فيها صكاك الحاج، واطلع الله عز وجل إلى عباده، فغفر لمن يشاء إلا شارب مسكر، فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين فيها يفرق كل أمر حكيم، ثم ينتهي ذلك ويقضى، قال: قلت: إلى من؟ قال: إلى صاحبكم ولولا ذلك لم يعلم (1)، وباسنادنا إلى علي بن فضال فقال أيضا باسناده إلى منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، ينزل فيها ما يكون في السنة إلى مثلها من خير أو شر أو رزق أو أمر أو موت أو حياة، ويكتب فيها وفد مكة، فمن كان في تلك السنة مكتوبا لم يستطع أن يحبس، وإن كان فقيرا مريضا، ومن لم يكن فيها لم يستطع أن يحج وإن كان غنيا صحيحا (2).
أقول: فهل يحسن من مصدق بالاسلام، وبما نقل عن الرسول وعترته عليه وعليهم أفضل السلام، أن ليلة واحدة من ثلاث ليال، يكون فيها تدبير السنة كلها، وإطلاق العطايا ودفع البلايا، وتدبير الأمور، وهي أشرف ليلة في السنة عند القادر على نفع كل سرور، ودفع كل محذور، فلا يكون نشيطا لها، لا مهتما بها.