اما تأثير الدعوة الأخلاقية لا يأتي من مجرد شحن الكتاب بالنظريات الأخلاقية المجردة بل لروحية المؤلف أعظم الأثر في اجتذاب القلوب إلى الخير والصواب، ومن هنا اشترطوا في الواعظ أن يكون متعظا.
ومن العجيب ان قلب الرجل الأخلاقي يبرز ظاهرا على قلمه في مؤلفاته فتلمسه في ثنايا كلماته وبالعكس ذلك الرجل الذي لا قلب له فإنك لا تقرء منه الا كلاما جافا لا روح فيه مهما بلغت قيمته في حساب النظريات الأخلاقية وغيرها.
وفي نظري ان قيمة كتب السيد في الروح المؤمنة التي تقرأها في ثناياه أكثر بكثير من قيمته العلمية، واني لأتحدى قارئ هذه الكتب إذا كان مستعدا للخير ان يخرج من غير متأثر بدعوته.
وهذا هو السر في اشتهار كتبه والاقبال عليه، على أنه لا يزيد عن ناحية علمية على بعض الكتب المتداولة التي لا نجد فيها هذا الذوق والروحانية، وكتبه يكشف لنا عن نفسية المؤلف وما كان عليه من خلق عال وايمان صادق.
حتى أن السيد ميز بين كتبه كتاب مصباح الزائر الذي ألفه في بداية ما شرع في التأليف، بأنه خالية من الاسرار الربانيات وسلك فيه سبيل العادات (1).
ذكر السيد نفسه في جواب من قال: إن في أيدي الناس المصباح وغيره من المصنفات ما ليس عندهم نشاطا للرغبة إليه فأي حاجة كانت إلى زيادة عليه:
(ان الذي أودعناه كتابنا هذا ما هو مجرد زيادات وعبادات، ولا كان المقصود جمع صلوات ودعوات، وإنما ضمناه ما لم يعرف فيما وقفنا عليه المخالف والمؤالف مثل الذي هدانا الله جل جلاله بتصنيفه إليه، من كيفية معاملات الله جل جلاله بالاخلاص في عبادته ومن عيوب الأعمال التي تفسد العمل وتخرجه من طاعة الله جل جلاله إلى معصية - إلى أن قال: - مع أن الذي عملنا هذا العمل لأجله قد كان سلفنا اجرة أكثر من استحقاقنا على فعله، وأعطانا في الحال الحاضرة ما لم تبلغ آمالنا إلى مثله ووعدنا وعد الصدق بما لا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين من فضله، فقد استوفينا اضعاف اجرة ما صنفناه ووضعناه، ومهما حصل بعد ذلك إذا عمل عامل بمقتضاه ورغب فيما رغبناه فهو مكسب على ما وهبناه.) (2) وبالجملة للسيد قدس الله جل جلاله اسراره لتأليفه اجزاء كتاب التتمات وجمعها من تلك