الشيطان ليدرأ القلوب عن تنبهها (1)، وتذهلها عن موجود الهدى (2)، و معرفة أهل الحق إلا قليلا ممن عصم الله، وليس يعرف تصرف أيامها (3)، وتقلب حالاتها، وعاقبة ضرر فتنتها إلا من عصمه الله، ونهج سبيل الرشد، وسلك سبيل القصد ممن استعان على ذلك بالزهد، فكرر التفكر (4)، و اتعظ بالعبر (5) فازدجر، وزهد في عاجل بهجة الدنيا، فتجافى عن لذاتها (6)، ورغب في دائم نعيم الآخرة (7)، وسعى لها سعيها، وراقب الموت، وسئم الحياة مع القوم الظالمين (8)، فعند ذلك نظر إلى ما في الدنيا بعين نيرة حديدة النظر (9) فأبصر حوادث الفتن، وضلال البدع، وجور الملوك الظلمة. فقد لعمري استدبرتم [من] الأمور الماضية في الأيام الخالية من الفتن المتراكمة والانهماك فيها ما تستدلون (10) به على تجنب الغواة وأهل البدع والبغي و
(٢٠١)