المشهورة آنذاك، ومنها استطاع الشهيد أن يكون بفكره ومعارفه مرحلة من مراحل التطور والازدهار، ومنها يتألق دليلنا التام بكل شموخ ورقي كي يثبت المدعى الآنف الذكر على غاية من القوة والمتانة.
والحق أن آثار الشهيد كانت ولا زالت مراجع أساسية ومصادر مهمة من مصادر الدين والمذهب، فلا يمكن الاستغناء عنها مطلقا، لا سيما وأنها - إضافة إلى كل ما أشرنا إليه - تتمتع بسلاسة التعبير ورشاقة البيان والخلو من التعقيد والإبهام على نهج من الإيجاز والاختصار.
وننوه إلى أننا أثناء طرحنا لمؤلفاته قدس سره سنشير إلى قبسات من آرائه وابتكاراته ومقترحاته التي أتحف الفقه الشيعي بها، وفتح من جرائها منافذ وآفاقا جديدة لا زالت مورد المداولة والانتفاع.
1 - اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية.
مختصر لطيف وشريف، ومؤلف منيف، مشتمل على أمهات المسائل الشرعية، جمع فيه أبواب الفقه ولخص أحكامه.
ألفه - كما قال ولده المبرور أبو طالب محمد - بدمشق في سبعة أيام بالتماس من شمس الدين الآوي أحد أصحاب السلطان علي بن مؤيد ملك (سربداران) في خراسان، الذي طلب من المصنف رحمه الله التوجه إلى بلاده في مكاتبة شريفة أكثر فيها من التلطف والتعظيم والحث على ذلك، ولكنه أبى واعتذر إليه وصنف له هذا الكتاب.
وأخذ شمس الدين الآوي نسخة الأصل، ولم يتمكن أحد من نسخها منه لضنته بها، وإنما نسخها بعض الطلبة وهي في يد الرسول، تعظيما لها، وسافر بها قبل المقابلة، فوقع فيها بسبب ذلك خلل، ثم أصلحه المصنف بعد ذلك بما يناسب المقام، وربما كان مغايرا للأصل بحسب اللفظ، وذلك في سنة 782 ه.
ونقل عن المصنف رحمه الله أن مجلسه بدمشق ذلك الوقت ما كان يخلو غالبا من علماء الجمهور، لخلطته بهم وصحبته لهم، قال: فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب كنت