واجماع المطهرين، والحديث المشهور والدليل المأثور، تجديدا لمعاهد العلوم، وتأكيدا لمعاقد الرسوم، وتأييدا للمسائل الفقهية، وتخليدا للوسائل الشرعية، تقربا إلى بارئ البرية، والله المسؤول أن ينفع به الطالبين، ويرشد إليه الراغبين، ويجزل لنا من عطائه العميم، وفضله الجسيم، إنه الجواد الكريم ذو الفضل العظيم.
وتنتظمه مقدمة وأقطاب أربعة.
أما المقدمة ففيها إشارات سبع:
الأولى: الفقه لغة: الفهم، وهو: العلم، أو جودة الذهن من حيث استعداده لاكتساب العلوم.
وعرفا: العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية.
ومن هذا يعلم موضوعه، وهو ما عليه دليله، أعني: فعل المكلف من حيث هو مكلف. ومبادئه، وهي: ما منه دليله، أعني: الكلام، والأصول، والعربية.
ومسائله، وهي: ما لها الدليل، أعني: مطالبه المثبتة فيه. وغايته.
و المراد ب (الأحكام): ما اقتضاه الخطاب وجودا أو عدما - مانعين من النقيض أو لا - أو تخييرا، وهي: الوجوب، والحرمة، والندب، والكراهة، والإباحة.
ومنه يعلم رسومها.
والسببية والشرطية والصحة والفساد يرجع إلى الاقتضاء والتخيير إن جعلت أحكاما.
والمراد ب (الشرعية): ما استفيد من الشرع إما بالنقل عن حكم الأصل.
أو بالتقرير عليه، فيدخل في ذلك ما علم بالدليل العقلي.
والمراد ب (العملية): ما يتعلق بالعمل من الفروع.
والمراد ب (الأدلة التفصيلية): المختصة بكل حكم على حدته، ويقابلها الإجمالية، كقول المقلد: هذا أفتى به المفتي، وكل ما أفتى به فهو حكم الله في حقي.