وكتبه مرجع فقهائهم، وأنظاره العلمية مرتكز آرائهم... فلا أطيل بتنسيق عقود الثناء فأكون كناقل التمر إلى هجر... (العلامة الأميني) فليس من الهين حقا أن يطرى عليه قدس سره بكل هذا الإطراء وينعت بكل هذه النعوت الناصعة، بل ما كان أن يكون ذلك لولا همته العالية وسعيه الهائل ومثابرته الدؤوبة وفضائله الروحية والأخلاقية، حيث لم يأل جهدا ولم يضيع فرصة من أجل الوصول إلى هدفه المنشود، فكان يقول في ذلك:
معدود من الخسران إن صرف الزمان في المباح وإن قل، لأنه ينقص من الثواب ويخفض من الدرجات، وناهيك خسرانا بأن يتعجل ما يفنى، ويخسر زيادة نعيم سيبقى.
وقصة تناظره مع ابن المتوج البحراني معروفة، فكان الشهيد قد غلبه مرتين في ذلك وأفحمه، فسأل ابن المتوج عن السر فقال قدس سره: سهرنا وأضعتم.
إن الفترة التي عاشها رضوان الله تعالى عليه هي فترة توغل وتعمق فقه المحقق والعلامة، ومع ذلك فما نراه قد تأثر بمدرسيتهما، بل ابتعد عنهما إلى حد كبير، وهذا مما هيأ له الأرضية الخصبة لعرض ابتكاراته البناءة ومناهجه الجديدة على صعيد الاستدلال وتوسيع المسائل الفقهية، بتبويب الفقه وتقسيمه على نحو لم يسبقه إليه غيره، وقد تجلى ذلك في مختلف مصنفاته، كاللمعة، والقواعد والفوائد، والذكرى والألفية والنفلية، وغاية المراد، والدروس، وغيرها.
أما آثاره ومصنفاته وتأليفاته قدس سره، فسنستعرضها بنوع من التفصيل والتوسعة، حيث هي المحور الأساسي من بحثنا هذا، فمنها استنبط أغلب ما قيل فيه وفي منهجيته وأسلوبه ومقترحاته وبرامجه التي أعانت المتن الفقهي الشيعي على أن يقفز قفزته