إلى غير ذلك من التوجيهات التي قالوا في (ختم الله على قلوبهم) وأمثاله ويمكن أن يقال: المراد من هذه العبارة أن الذي صرفني عن صلتكما وتفويض البلاد إليكما هو الذي صرفكما عن الحق من أفعالكما القبيحة وصفاتكما الذميمة التي سلبت عنكما قابلية الصلة والولاية على المسلمين، ثم أشار بقوله «وهو الله ربي» إلى أن صارفه (عليه السلام) عن الصلة هو الله تعالى وإن كان صرفه تعالى مستند إلى ما هو صارفهما من أفعالهما وصفاتهما، وعلى هذا لا يرد ما ذكر، فتأمل.
قوله (كما يخلع الحرون) شبه نفوسهما بالفرس الحرون في عدم الانقياد لصاحبه، قال الجوهري: فرس حرون: لا ينقاد، إذا اشتد به الجري وقف. قال صاحب المغرب: حرن الفرس:
وقف ولم ينقد.
قوله (وهو الله ربي لا أشرك به شيئا) أي الذي صرفني عن صلتكما هو الله ربي لأنه لم يجعل للفاسق المنافق حرمة، وقوله: لا أشرك، تعريض بهما.
قوله (فإن لكل موقف عملا) العمل عند تلاقي الصفوف والمحاربة مع أعداء الدين هو التجلد وإظهار الشجاعة، وعند تباعدهم وعدم إمكان محاربتهم هو اللعن عليهم والبراءة منهم كما هو المعروف في النهي عن المنكر، وهذا لا ينافي الشجاعة ولا يكون من عجز وضعف.
قوله (وماجت لبود الخيل) أي اضطربت لشدة الجري واللبود جمع اللبد وهو شعر متراكم بين كتفي الفرس.
قوله (وملأ سحرا كما أجوافكما) السحر الرئة والجمع أسحار مثل برد وأبراد وكذلك السحر والجمع سحور مثل فلس وفلوس وقد يحرك فيقال: سحر مثل نهر ونهر لمكان حروف الحلق، ويقال: للجبان قد انتفخ سحره لأن الرئة تنتفخ عند الخوف.
قوله (وأما إذا أبيتما إلى قوله: زعمتما) يعني إنكما زعمتما إني رجل ساحر من قوم سحرة ودعاء الساحر لا أثر له فلا تجزعا من دعائي عليكما.
قوله (اللهم أقعص الزبير) يقال أقصعه إذا قتله قتلا سريعا وقد استجاب الله تعالى دعاءه (عليه السلام) فإن الزبير خرج من المعركة في ابتداء القتال هاربا فلحقه رجل من بني تميم وقتله، وطلحة قتل في ابتدائه في المعركة وكفى الله تعالى شرهما من المسلمين فلما قتلا انهزم أكثر الناس وبقيت عائشة مع الذين معها من الأزد وضبة وهي تنادي في الهودج على الجمل أصحابها وتحرضهم على القتال حتى قتلوا أكثرهم وعقر جملها وتفرق من بقي منهم فأخذت عائشة وحملها محمد بن أبي بكر في الليل إلى البصرة ثم منها إلى المدينة بأمر أمير المؤمنين (عليه السلام).
قوله (إن كانا ظلماني وافتريا علي كتما شهادتهما) لعل المراد بالظلم هو مخالفتهما له (عليه السلام)