أصحابه (عليه السلام) فقال طائفة: القتال القتال وقال أكثرهم: المحاكمة إلى الكتاب ولا يحل لنا الحرب وقد دعينا إلى حكم الكتاب، فقال (عليه السلام) «أيها الناس إني أحق من أجاب إلى كتاب الله ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن إني أعرف بهم منكم، ويحكم إنها كلمة حق يراد بها باطل وإنهم رفعوها للخدعة والمكر والوهن، أعينوني ساعة واحدة فقد بلغ الحق مقطعه ولم يبق إلا أن يقطع دابر القوم الظالمين» فجاء عشرون ألفا من أصحابه (عليه السلام) ونادوه باسمه دون أمير المؤمنين: أجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت وإلا قتلناك كما قتلنا عثمان، فقال (عليه السلام) ويحكم أنا أول من أجاب كتاب الله وأول من دعا إليه فكيف لا أقبله وإنما قاتلتهم ليدينوا بحكم القرآن ولكني قد أعلمتكم أنهم قد كادوكم وليس العمل بالقرآن يريدون، فقالوا: ابعث إلى الأشتر يأتيك، فبعث إليه فرجع على كره منه ونادى المجيبون إلى الحكومة من كل جانب: رضي أمير المؤمنين بالتحكيم وكتبوا عهدا على الرضا فلما كتبوه خرج بعض أصحابه (عليه السلام) وهم خوارج النهروان وقالوا: نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها فما ندري أي الأمرين أرشد، وغرضهم من ذلك القول إظهار أنك شاك في إمامة نفسك فنحن أولى به منك، ووقعوا في شبهة وأصروا فيها حتى اتخذوها يقينا وبنوا عليها مابنوا وفعلوا ما فعلوا حتى قتلوا طائفة من المؤمنين وقتلوا إلا تسعة انتشروا في البلاد وبقي آثارهم إلى الآن.
قوله (قف مني قريبا أريك) في بعض النسخ «أرك» بالجزم لوقوعه بعد الأمر.
قوله (علامات الهدى من علامات الضلالة) اللام عوض عن المضاف إليه أي علامات هداي من علامات ضلالتي بقرينة قول ذلك الرجل: لئن أعرف هدايتك من ضلالتك وما أراه علامات لا علامة واحدة ولذلك أتى بصيغة الجمع والمراد بعلامات الهدى علامات الإمامة وبعلامات الضلالة علامات عدمها وهي التي استدل بها الخوارج على أنه ليس بإمام، ثم المراد بإرادة تلك من هذه إفادة أن هذه ليست من علامات الضلالة لأنها لا تجتمع مع ضدها ولا تكون منشأ له ويحتمل تضمين معنى التميز، فليتأمل.
قوله (فقال من دون النهر أو من خلفه) أي من بعد تجاوز النهر والعبور عنه أو من خلفه قبل العبور.
قوله (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة) أي الذي شق الحبة للانبات وخلق ذات الروح، وكثيرا كان (عليه السلام) يقولها إذا اجتهد في يمينه لكونها من أخص صفاته تعالى.
قوله (فازددت فيه بصيرة) أي في خطئه وضلالته لإنكاره من أخبرنا بأمر محسوس وادعى علم الغيب بخلافه.