عنك وسعة البلاد دونك وأن من كان يصرفك عنا وعن صلتنا كان أقل لك نفعا وأضعف عنك دفعا منا، وقد وضح الصبح لذي عينين وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا، فما الذي يحملك على ذلك؟! فقد كنا نرى أنك أشجع فرسان العرب، أتتخذ اللعن لنا دينا وترى أن ذلك يكسرنا عنك، فلما أتى خداش أمير المؤمنين (عليه السلام) صنع ما أمراه فلما نظر إليه علي (عليه السلام) - وهو يناجي نفسه - ضحك وقال: ههنا يا أخا عبد قيس - وأشار له إلى مجلس قريب منه - فقال: ما أوسع المكان، أريد أن أؤدي إليك رسالة، قال: بل تطعم وتشرب وتحل ثيابك وتدهن ثم تؤدي رسالتك، قم يا قنبر فأنزله، قال: ما بي إلى شيء مما ذكرت حاجة، قال: فأخلو بك؟ قال: كل سر لي علانية، قال:
فأنشدك بالله الذي هو أقرب إليك من نفسك، الحائل بينك وبين قلبك الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أتقدم إليك الزبير بما عرضت عليك؟ قال: اللهم نعم. قال: لو كتمت بعدما سألتك ما ارتد إليك طرفك، فأنشدك الله هل علمك كلاما تقوله إذا أتيتني؟ قال: اللهم نعم، قال علي (عليه السلام): آية السخرة؟
قال: نعم، قال: فاقرأها فقرأها وجعل علي (عليه السلام) يكررها ويرددها ويفتح عليه إذا أخطأ حتى إذا قرأها سبعين مرة قال الرجل: ما يرى أمير المؤمنين (عليه السلام) أمره بترددها سبعين مرة، ثم قال له: أتجد قلبك اطمأن؟ قال: إي والذي نفسي بيده - قال: فما قالا لك؟ فأخبره، فقال: قل لهما: كفى بمنطقكما حجة عليكما ولكن الله لا يهدي القوم الظالمين، زعمتما أنكما أخواي في الدين وابنا عمي في النسب، فأما النسب فلا أنكره وإن كان النسب مقطوعا إلا ما وصله الله بالإسلام، وأما قولكما: إنكما أخواي في الدين، فإن كنتما صادقين فقد فارقتما كتاب الله عز وجل وعصيتما أمره بأفعالكما في أخيكما في الدين وإلا فقد كذبتما وافتريتما بادعائكما أنكما أخواي في الدين، وأما مفارقتكما الناس منذ قبض الله محمدا (صلى الله عليه وآله) فإن كنتما فارقتماهم بحق فقد نقضتما ذلك الحق بفراقكما إياي أخيرا وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل عليكما مع الحدث الذي أحدثتما، مع أن صفقتكما بمفارقتكما الناس لم تكن إلا لطمع الدنيا، زعمتما وذلك قولكما:
فقطعت رجاءنا، لا تعيبان بحمد الله من ديني شيئا وأما الذي صرفني عن صلتكما، فالذي صرفكما عن الحق وحملكما على خلعه من رقابكما كما يخلع الحرون لجامه وهو الله ربي لا أشرك به شيئا فلا تقولا: «أقل نفعا وأضعف دفعا» فتستحقا اسم الشرك مع النفاق، وأما قولكما:
إني أشجع فرسان العرب وهربكما من لعني ودعائي، فإن لكل موقف عملا إذا اختلفت الأسنة وماجت لبود الخيل وملأ سحرا كما أجوافكما، فثم يكفيني الله بكمال القلب، وأما إذا أبيتما بأني أدعو الله فلا تجزعا من أن يدعو عليكما رجل ساحر من قوم سحرة زعمتما، اللهم أقعص الزبير