أذلوا أنفسهم بالتقية والخوف لأن دان يصلح لهذه المعاني كلها كما لا يخفى على المتصفح في اللغة.
قوله (فأرواحهم معلقة بالمحل الأعلى) أي بالجنة العالية ودرجاتها والروضة الباقية ومقاماتها بل بمقعد صدق عند مليك مقتدر، وفي بعض النسخ: بالملأ الأعلى أي نفضوا عن نفوسهم التعلقات الحسية والوهمية ودفعوا عن قلوبهم حب زهرات الدنيا الدنية حتى توجهت أرواحهم إلى مشاهدة القدسيات الروحانية وملاحظة الفيوضات الربانية فهم بأجسادهم مصاحبون لأهل هذه الدار وبأرواحهم للملائكة المقربين الأبرار وحسن أولئك رفيقا.
قوله (فعلماؤهم وأتباعهم خرس وصمت) لا يقدرون على التكلم بالحق واعلاء كلمته لشدة التقية وكمال الخوف.
قوله (وسيحق الله الحق بكلماته) أي سيظهر الله تعالى دين الحق بالأئمة الطاهرين لأن واحد منهم كلمة الله كعيسى بن مريم (ع) وقد ثبت أنهم يرجعون في دولة المهدي (عليه السلام) وينصرونه، هذا وقال المفسرون في تفسير قوله تعالى: (ويحق الله الحق بكلماته) أن معناه يظهره ويبينه بأوامره وقضاياه. قوله (ها ها) «ها» بالقصر للتنبيه ينبه بها المخاطب على ما يساق إليه من الكلام وتكريرها للتأكيد والمبالغة فيه وإنما ينبه بها ويؤكد فيها إذا كان مضمون الكلام أمرا عظيما.
قوله (طوبى لهم) طوبى اسم الجنة، وقيل: اسم شجرة فيها وأصلها فعلى من الطيب فلما ضمت الطاء انقلبت الياء واوا وعلى التقديرين فهو مبتدأ.
قوله (ويا شوقاه) النداء للتعجب من كثرته أو لطلب حضوره والشوق والاشتياق نزاع النفس إلى الشيء وميلها إليه وهو إنما يحصل بعد تصوره وتصور نفعه ثم التصديق بترتبه عليه فإذا انتقشت في النفس هذه الأمور حصلت لها كيفية أخرى أي ميلها ورغبتها إلى ذلك المتصور وهي الشوق، وفي هذا الكلام دلالة بحسب الظاهر على ثبوت الرجعة.
قوله (في جنات عدن) العدن الإقامة، عدن بها أي أقام ومنه سميت الجنة جنة عدن أي جنة إقامة، يقال: عدن بالمكان يعدن عدنا إذا لزمه ولم يبرح منه.
قول (ومن صلح) عطف على آبائهم أو الواو بمعنى مع، ومتبوعية ما بعد الواو ليست أمرا كليا، قال القاضي وغيره: والمعنى أنه يلحق بهم من صلح من أهلهم وإن لم يبلغ فضلهم تبعا لهم وتعظيما لشأنهم وهو دليل على أن الدرجة تعلو بالشفاعة وفي التقييد بالصلاح دلالة على أن مجرد الأنساب لا ينفع.