أو لا؟ فأجاب (عليه السلام) بأن الله تعالى يفعل بعد ذلك ما يشاء، فإن له بداءات أي تقديرات متجددة في أوقات الزمان وإرادات حادثة فيها إن شاء أظهره وإن شاء أخفاء بحسب المصالح المعلومة له تعالى ولتقديراته وإراداته غايات ونهايات فإن كل وقت تعلق التقدير والإرادة بإخفائه أو إظهاره غاية ونهاية لما قبله وهذا ظاهر الانطباق على ما ذكرناه ثانيا كما أشرنا إليه، بل على ما ذكرناه أولا أيضا وأما على ما ذكره الفاضل المذكور ففيه نوع خفاء إذ ظهوره بعد الأزمنة المذكورة محتوم به لا يجري فيه البداء، اللهم إلا أن يكون ذلك في قول السائل ثم ما يكون بعد ذلك إشارة إلى الغيبة، ويكون السؤال متعلقا بما في زمانها فليتأمل.
* الأصل:
8 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن معروف بن خربوذ عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إنما نحن كنجوم السماء، كلما غاب نجم طلع نجم، حتى إذ أشرتم بأصابعكم وملتم بأعناقكم غيب الله عنكم نجمكم، فاستوت بنو عبد المطلب، فلم يعرف أي من أي: فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم.
* الشرح:
قوله (إنما نحن كنجوم السماء) شبه الإمام بالنجم، وأشار إلى وجه التشبيه بقوله «كلما غاب نجم طلع نجم» والغرض منه أنه لابد من إمام بعد إمام وأن الأرض لا تخلو منه، فإذا لم يكن الإمام ظاهرا وجب أن يكون محتجبا بحجاب الغيبة كالنجم المحتجب بالسحاب، ويلزم من هذا التشبيه تشبيه سماء الدين بسماء الدنيا في لزوم ظهورها بعد ذهاب آخر.
قوله (حتى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بأعناقكم) في بعض النسخ: بحواجبكم، الإشارة بالأصابع والميل بالأعناق كنايتان عن الشهرة والزيارة وهما من أسباب غيبة الإمام عن شيعته ليحفظ نفسه المعصومة ونفوسهم المحترمة عن شر الأعداء.
قوله (فاستوت بنو عبد المطلب فلم يعرف أي من أي) لعل المراد أنهم قاموا بالرايات ووقع التحارب والاختلاط بينهم حتى لا يعرف أي رجل من أي راية، أو لا يعرف أي راية من أي رجل ونقل عن الفاضل الأسترآبادي أن قوله: فاستوت بنو عبد المطلب، إشارة إلى أن كلهم بعد الغيبة رعية بلا رئيس، وأن قوله: فلم يعرف أي من أي ناظر إلى الاختلاف المشاهد في هذا الزمان، فإن أهل السنة والزيدية يقولون هو محمد بن عبد الله، ثم اختلفوا في أنه حسني أو حسيني.
قوله (فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم) المراد بطلوع النجم ظهور صاحب الأمر (عليه السلام) وهو من أجل نعماء الله تعالى على عباده لكونه سبب الخصب والرخاء ورفاهة العيش واستقامة النفوس