يمنعهم من المحظورات ويحثهم على الواجبات كانوا معه أقرب إلى الطاعة وأبعد عن المعاصي منهم بدونه، واللطف واجب على الله، فاعترض عليهم مخالفوهم وقالوا: إنما يكون منفعة ولطفا واجبا إذا كان ظاهرا قاهرا زاجرا عن القبائح قادرا على تنفيذ الأحكام وإعلاء لواء كلمة الإسلام وهذا ليس بلازم عندكم فالإمام الذي ادعيتم وجوبه ليس بلطف والذي هو لطف ليس بواجب، فأجابوا بأن وجود الإمام لطف سواء تصرف أو لم يتصرف على ما نقل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من الكلام المذكور وتصرفه الظاهر لطف آخر، وتوضيحه على ما ذكره الشيخ بهاء الملة والدين نقلا عن القوم: أن الثمرة ليست منحصرة في مشاهدته وأخذ المسائل عنه بل نفس التصديق بوجوده (عليه السلام) وأنه خليفة الله في الأرض أمر مطلوب لذاته وركن من أركان الإيمان كتصديق من كان في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) بوجوده (عليه السلام) ونبوته.
وقد روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي (صلى الله عليه وآله) ذكر المهدي فقال «ذلك الذي يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت فيها إلا من امتحن الله قلبه للايمان، قال جابر: فقلت: يا رسول الله هل لشيعته انتفاع به في غيبته؟ فقال (صلى الله عليه وآله): «إي والذي بعثني بالحق إنهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن علاها السحاب» ثم قال الإمامية: إن تشنيعكم علينا مقلوب عليكم لأنكم تذهبون أن المراد بإمام الزمان في الحديث الذي رويتموه من قوله (صلى الله عليه وآله) «من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية» - وهو منقول من طرق الخاصة أيضا - صاحب الشوكة من ملوك الدنيا كائنا من كان عالما أو جاهلا عادلا أو فاسقا، فأي ثمرة تترتب على معرفة الجاهل الفاسق ليكون من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية، ولما استثمر هذا بعض المخالفين ذهب إلى أن المراد بالإمام في الحديث، الكتاب، وقال الإمامية: إن إضافة الإمام إلى زمان ذلك الشخص يشعر بتبدل الأئمة في الأزمنة، والقرآن العزيز لا تبدل له بحمد الله على مر الأزمان. وأيضا فالمراد بمعرفة الكتاب التي إذا لم تكن حاصلة للانسان مات ميتة جاهلية إن اريد بها معرفة ألفاظه والإطلاع على معانيه أشكل الأمر على كثير من الناس، وإن اريد مجرد التصديق بوجوده فلا وجه للتشنيع علينا إذا قلنا بمثله.
قوله (بل أين هم وكم) أي كم هم أين هم إشارة إلى أنهم مظلومون مستورون مشردون حتى لا يعلم لغاية طردهم مكانهم كما هو المعلوم من مشاهدة أحوال المعصومين سيما في زمن الغيبة و «كم هم» إشارة إلى قلة عددهم مثل قوله تعالى (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) إشارة إلى أن في آخر الزمان يعني بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) لا يكون في كل وقت وزمان إلا واحد من الأوصياء بخلاف الزمان السابق فإنه كان في عهد واحد جماعة من الأنبياء والأوصياء هذا والظاهر أن الضمير راجع