مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد أن يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب (عليه السلام) وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الامة أن يفعل الله جل وعز بحجته كما فعل بيوسف، أن يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك له، كما أذن ليوسف، (قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف).
* الشرح:
قوله (شبها من يوسف (عليه السلام)) الشبه بالتحريك التماثل والتشابه وكذا الشبه بالكسر والسكون.
قوله (وما ينكر من ذلك) أي ما ينبغي إنكار شيء من ذلك المذكور أو إنكار بعض ذلك إذ لا استبعاد فيه، ثم بين عدم الاستبعاد بقوله «هذه الأمة أشباه الخنازير» باطنا وإن كانوا في صورة الإنسان ظاهرا، وإخوة يوسف (عليه السلام) مع كونهم أسباط الأنبياء وأولادهم وأقرب إلى الحقيقة الانسانية منهم ظاهرا وباطنا إذا فعلوا بأخيهم يوسف من صلب أبيهم ما فعلوا حتى غاب عن أبيه وسائر عشيرته سنين كثيرة مع تمكنه من إظهار وجوده ومكانه ولم يفعله لمصلحة جاز أن يفعل هذه الأمة مع واحد من الأئمة مثل فعلهم، بل تحقق مثل ذلك الفعل من هذه الأمة أقرب وصدوره منهم أظهر وأنسب لعدم الروابط المسفورة والقرابة المذكورة والزواجر المسطورة بينه وبينهم حتى يغيب هو عن أقربائه وعشيرته ويعتزل عن أوليائه وشيعته ظاهرا وهو معهم باطنا حتى أنه يصاحبهم ويصاحبونه ويراهم ويرونه ولكن لا يعرفونه بشخصه ونسبه وهو يعرفهم، وقد روى أنه بعد ظهوره يقول كثير من الناس: رأيناه كثيرا.
قوله (إن يوسف كان إليه ملك مصر) أي كان مصر مفوضا إليه وكان حكمه جاريا وأمره ماضيا مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وعشيرته ولم يخبرهم بوجوده ومكانه مع ما عليهم من الشدائد والمصائب كما حكى عنه جل شأنه في القرآن العزيز وما كان ذلك إلا لمصلحة الهية وحكمة ربانية تعلقت بعدم علمهم بحاله فإذا كان هذا غير منكر في حقه فغيبة المنتظر أولى بعدم الإنكار.
* الأصل:
5 - علي بن إبراهيم، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عبد الله بن موسى، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن للغلام غيبة قبل أن يقوم، قال: قلت: ولم؟
قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - ثم قال: يا زرارة وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف ومنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر، غير أن الله عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة [قال: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شيء أعمل؟ قال: يا زرارة] إذا