امرئ مجهوده وخفف عن الجهلة، رب رحيم وإمام عليم، ودين قويم، أنا بالأمس صاحبكم، و [أنا] اليوم عبرة لكم، وغدا مفارقكم، إن تثبت الوطأة في هذه المزلة فذاك المراد، وإن تدحض القدم فإنا كنا في أفياء أغصان وذرى رياح، وتحت ظل غمامة اضمحل في الجو متلفقها، وعفا في الأرض محطها، وإنما كنت جارا جاوركم بدني أياما وستعقبون مني جثة خلاء، ساكنة بعد حركة وكاظمة بعد نطق، ليعظكم هدوي وخفوت إطراقي وسكون أطرافي، فإنه أوعظ لكم من الناطق البليغ، ودعتكم وداع مرصد للتلاقي، غدا ترون أيامي ويكشف الله عزوجل عن سرائري وتعرفوني بعد خلو مكاني وقيام غيري مقامي، إن أبق فأنا ولي دمي، وإن أفن فالفناء ميعادي [وإن أعف] فالعفو لي قربة ولكم حسنة، فاعفوا واصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم، فيالها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة أو تؤديه أيامه إلى شقوة، جعلنا الله وإياكم ممن لا يقصر به عن طاعة الله رغبة أو تحل به بعد الموت نقمة، فإنما نحن له وبه. ثم أقبل على الحسن (عليه السلام) فقال: يا بني ضربة مكان ضربة ولا تأثم.
* الشرح:
قوله (حف به العواد) جمع العائد من العيادة وهي الزيارة.
قوله (اثنوا لي وسادة) ثنى الشيء كسمع رد بعضه على بعض فتثنى وأنثنى.
قوله (الحمد لله حق قدره) أي حمدا حق قدره وتعظيمه، حمده إجمالا بما يليق عظمته للتنبيه على أن الإتيان بتفاصيله متعسر بل متعذر لأن ذلك متوقف على معرفة عظمته والقدرة على إحصاء ثنائه وهما خارجان عن طوق البشر كما قال (صلى الله عليه وآله): «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
قوله (متبعين أمره) حال عن فاعل الحمد وإنما أتى به بعد الإشارة إلى أن الحمد بإزاء ذاته وصفاته للدلالة على أنه أيضا بإزاء نعمه التي أجلها وأكملها وأعظمها وأفضلها هي متابعة أمره لأنها مع كونها نسبة شريفة في هذه الدار سبب لجميع النعم في دار القرار.
قوله (وأحمده كما أحب) الإجمال هنا كالسابق وفيه توقع لأن يجعل حمده مثل حمد أحبه، وإشعار بأن الحمد الذي يليق به لا يقدر عليه غيره، ويحتمل أن يكون الكاف زائدا فيكون حمده حمدا هو أحبه وإنما حمده بكلا نوعي الحمد أعني الثبات والاستمرار على وجه التجدد للاشعار باستحقاقه لهما وعطف الفعلية على الاسمية جايز أيضا سيما إذا كانت الإسمية آئلة إلى الفعلية.
قوله (ولا إله إلا الله الواحد الأحد الصمد) عطف الفعلية على الاسمية جايز أيضا على أنه