الأولين؟ قال: نعم عاقر الناقة، وقال له: أتعلم من أشقى الآخرين؟ قال: لا، قال: من يضربك على هذه فتخضب هذه» وأما بحثه هو عن تحصيل الوقت المعين المحدود والكيفية المشخصة المعينة ونحوها من القرائن المشخصة وذلك البحث إما بالسؤال من الرسول (صلى الله عليه وآله) مدة حياته وكتمانه إياه أو بالبحث والفحص من قرائن أحواله في سائر أوقاته مع الناس كما هو ظاهر العبارة.
قوله (هيهات علم مكنون) أي بعد ذلك العلم عنا وهو علم مكنون مستور عن الخلق مختص به جل شأنه.
قوله (أما وصيتي فأن لا تشركوا بالله شيئا) لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أوامره ونواهيه وسائر ما نطق به القرآن العزيز، فهو ترغيب في التوحيد وحث على الإخلاص.
قوله (ومحمدا (صلى الله عليه وآله) فلا تضيعوا سنته) عطف «على أن لا تشركوا» أي أما وصيتي فمحمدا أي فإن تحفظوا محمدا وترعوا جانبه فلا تضيعوا سنته وهي شريعته التي قررها زمان رسالته وفيه ترغيب في التمسك بها وعدم إهمالها.
قوله (أقيموا هذين العمودين) تأكيد أو استئناف والمراد بالعمودين عدم الشرك وعدم التضييع أعني التوحيد المطلق والسنة على سبيل الاستعارة المرشحة، إذ كما أن مدار الخيمة وقيامها بالعمود كذلك مدار الإسلام ونظام أمور المسلمين في معاشهم ومعادهم على التوحيد والتمسك بالسنة. والإقامة ترشيح، والقول بأن المراد بالعمودين الحسن والحسين (عليهما السلام) بعيد.
قوله (وأوقدوا هذين المصباحين) المراد بهما ما ذكر على سبيل الاستعارة المرشحة أيضا إذ كما أن المصباح يهدي في الظلام إلى الطريق الموصل إلى المطلوب كذلك التوحيد والسنة النبوية يهديان من ظلمات الجهل إلى طريق الحق ويوصلان إلى جواره في جنات النعيم وهو المطلوب الحقيقي للسالك في بيداء الطبائع البشرية، والإيقاد ترشيح.
قوله (وخلاكم ذم ما لم تشردوا) أي عداكم وجاوزكم ذم ولوم بعد التمسك بالتوحيد والسنة ما لم تشردوا ولم تتفرقوا عن دين الحق وما أنتم عليه، والغرض أنه لا يلحقكم ذم أصلا ما دمتم ثابتين على ذلك.
قوله (حمل كل امرئ مجهوده وخفف عن الجهلة رب رحيم وإمام عليم ودين قويم) التحميل التكليف يقال: حملته الشيء كلفته حمله، والدين القويم هو الذي لا اعوجاج فيه ولا صعوبة، والإمام العليم الرسول المبين لكيفية سلوك سبيل الله ومراحله ومنازله والهادي فيه بما يقتضيه حكمته من القول والعمل، أو أمير المؤمنين (عليه السلام) نفسه لكونه وارث علمه وسالك مسالكه،