من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا - الآية " قال: أخذ الهدهد والصرد والطاووس والغراب، فذبحهن وعزل رؤوسهن، ثم نحز أبدانهن في المنحاز (1) بريشهن ولحومهن وعظامهن حتى اختلطت، ثم جزأهن عشرة أجزاء على عشرة أجبل، ثم وضع عنده حبا وماء، ثم جعل مناقيرهن بين أصابعه، ثم قال: آتين سعيا بإذن الله عز وجل، فتطاير بعضها إلى بعض اللحوم والريش والعظام حتى استوت الأبدان كما كانت وجاء كل بدن حتى التزق برقبته التي فيها رأسه والمنقار، فخلى إبراهيم عن مناقيرهن فوقعن (2) وشربن من ذلك الماء، والتقطن من ذلك الحب، ثم قلن: يا نبي الله أحييتنا أحياك الله، فقال إبراهيم: بل الله يحيى ويميت، فهذا تفسير الظاهر، قال عليه السلام وتفسيره [في] الباطن خذ أربعة ممن يحتمل الكلام فاستودعهم علمك ثم أبعثهم في أطراف الأرضين حججا لك على الناس وإذا أردت أن يأتوك دعوتهم بالاسم الأكبر يأتونك سعيا بإذن الله عز وجل.
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: الذي عندي في ذلك أنه عليه السلام أمر بالامرين جميعا، وروي أن الطيور التي أمر بأخذها الطاووس والنسر والديك والبط، وسمعت محمد بن عبد الله بن محمد بن طيفور يقول في قول إبراهيم عليه السلام " رب أرني كيف تحيى الموتى - الآية " إن الله عز وجل أمر إبراهيم أن يزور عبدا من عباده الصالحين فزاره فلما كلمه قال: إن لله تبارك وتعالى في الدنيا عبدا يقال له إبراهيم اتخذه خليلا، قال إبراهيم: وما علامة ذلك العبد؟ قال: يحيى له الموتى فوقع لإبراهيم أنه هو فسأله أن يحيي له الموتى " قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " يعني على الخلة و يقال: إنه أراد أن يكون له في ذلك معجزة كما كانت للرسل، وإن إبراهيم عليه السلام سأل ربه أن يحيي له الميت (3) فأمره الله عز وجل أن يميت لأجله الحي سواء بسواء، وهو أنه لما أمره بذبح ابنه إسماعيل وإن الله عز وجل أمر إبراهيم عليه السلام أن يذبح أربعة