فقيها معتمدا عند الامام كما نص عليه العسكري عليه السلام في التوقيع الذي صدر منه إليه.
له كتب ورسائل في فنون علوم الدين، ذكر الطوسي والنجاشي منها نحوا من عشرين: في الفقه والأخلاق والتوحيد، والطب والمنطق والتفسير، وغيرها مما يطيل الكلام بذكره.
وقال أبو الفرج محمد بن إسحاق النديم: قرأت بخط ابنه (محمد بن علي) على ظهر جزء: " قد أجزت لفلان بن فلان كتب أبي (علي بن الحسين) وهي مائتا كتاب، وكتبي وهي ثمانية عشر ". (الفهرست ص 277).
وهو كما ترى يدل على تبحره وتضلعه ومكانته في العلم والفقه والأصول والفروع.
فبيته في قم أعظم بيوتات الشيعة، بيت معمور بالعلم والفضيلة، معرق بالمجد والشرف، مغدق بالزهد والصلاح، معروف بالسؤدد والنجاح. وشيخنا المترجم له " أبو جعفر الصدوق " وليد هذا البيت، ونسيب ذلك الشرف، وعقيد ذاك العز، وغصن تلك الدوحة. وناشئة أحضان تلك الفضائل، مع ما حباه الله سبحانه من جودة الفهم، و حسن الذكاء، وقدرة الحفظ، وكمال العقل.
عاش رحمه الله مع أبيه عشرين سنة، قرأ عليه وأخذ عنه ثم عن غيره من علماء قم بعناية تامة من أبيه، فلم يمض من عمره إلا أيام قلائل حتى صار من جملة العلماء والأفاضل، فبرع في العلم وفاق الاقران فاختلف إلى مجالس الشيوخ والأعيان، وتزود من العلم ما استطاع فسمع منهم وروى عنهم ما شاء.
فلما اشتد من فنون العلوم كاهله وصفت له مناهله سافر إلى بلدة الري بالتماس من أهلها، فسطع بها بدره، وعلا صيته، ونشر علمه، وأقام فيها مدة. ثم استأذن الملك ركن الدولة البويهي في زيارة المشهد الرضوي عليه السلام، فنزل بعد منصرفه نيسابور، واجتمع عليه العلماء والفحول، فأكبروا شأنه ورفعوا قدره وأقبلوا على استيضاح غرة فضله، والاستصباح بأنواره، فوجدهم حائرين في أمر الحجة عليه السلام مائلين عن المحجة فبذل مجهوده في ردهم إلى الصواب، وأزال عنهم الشك والارتياب، فأفاد بإثارة