بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٣٨
صلى الله عليه وسلم أمر باكفاء القدور يوم خيبر ومعلوم ان ذلك مما لا ينتفع به في الظهر (وأما) الثالث فلانه عليه الصلاة والسلام خص النهى بالحمر الأهلية وهذا المعنى لا يختص بالحمر بل يوجد في غيرها (وأما) لحم الخيل فقد قال أبو حنيفة رضي الله عنه يكره وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله لا يكره وبه أخذ الشافعي رحمه الله واحتجا بما روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال أكلنا لحم فرس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عن جابر رضي الله عنه أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في الخيل وروى أنه قال أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر وروى عنه أنه قال كنا قد جعلنا في قدورنا لحم الخيل ولحم الحمار فنهانا النبي عليه الصلاة والسلام أن نأكل لحم الحمار وأمرنا أن نأكل لحم الخيل وعن سيدتنا أسماء بنت سيدنا أبى بكر الصديق رضي الله عنهما أنها قالت نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه ولأبي حنيفة رضي الله عنه الكتاب والسنة ودلالة الاجماع (أما) الكتاب العزيز فقوله جل شأنه والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة (ووجه) الاستدلال به ما حكى عن ابن عباس رضي الله عنهما فإنه روى أنه سئل عن لحم الخيل فقرأ بهذه الآية الشريفة وقال ولم يقل تبارك وتعالى لتأكلوها فيكره أكلها وتمام هذا الاستدلال ان الله تبارك وتعالى ذكر الانعام فيما تقدم ومنافعها وبالغ في ذلك بقوله تعالى والانعام خلقها لكم فيها دف ء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الأنفس ان ربكم لرؤف رحيم وكذا ذكر فيما بعد هذه الآية الشريفة متصلا بها منافع الماء المنزل من السماء والمنافع المتعلقة بالليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والمنافع المتعلقة بالبحر على سبيل المبالغة بيان شفاء لا بيان كفاية وذكر في هذه الآية انه سبحانه وتعالى خلق الخيل والبغال والحمير للركوب والزينة ذكر منفعة الركوب والزينة ولم يذكر سبحانه وتعالى منفعة الاكل فدل انه ليس فيها منفعة أخرى سوى ما ذكرناه ولو كان هناك منفعة أخرى سوى ما ذكرنا لم يحتمل ان لا نذكرها عند ذكر المنافع المتعلقة بها على سبيل المبالغة والاستقصاء وقوله عز وجل يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ولحم الخيل ليس بطيب بل هو خبيث لان الطباع السليمة لا تستطيبه بل تستخبثه حتى لا تجد أحدا ترك بطبعه الا ويستخبثه وينقى طبعه عن أكله وإنما يرغبون في ركوبه الا يرغب طبعه فيما كان مجبولا عليه وبه تبين ان الشرع إنما جاء باحلال ما هو مستطاب في الطبع لا بما هو مستخبث ولهذا لم يجعل المستخبث في الطبع غذاء اليسر وإنما جعل ما هو مستطاب بلغ في الطيب غايته (وأما) السنة فما روى عن جابر رضي الله عنه أنه قال لما كان يوم خيبر أصاب الناس مجاعة فأخذوا الحمر الأهلية فذبحوها فحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الانسية ولحوم الخيل والبغال وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وحرم الخلسة والنهبة وعن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وعن المقدام بن معدي كرب أن النبي عليه الصلاة والسلام قال حرم عليكم الحمار الأهلي وخيلها وهذا نص على التحريم وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الخيل لثلاثة فهي لرجل ستر ولرجل أجر ولرجل وزر ولو صلحت للاكل لقال عليه الصلاة والسلام الخيل لأربعة لرجل ستر ولرجل أجر ولرجل وزر ولرجل طعام (وأما) دلالة الاجماع فهي أن البغل حرام بالاجماع وهو ولد الفرس فلو كانت أمه حلالا لكان هو حلالا أيضا الآن حكم الولد حكم أمه لأنه منها وهو كبعضها ألا ترى ان حمار وحش لو نزى على حمارة أهلية فولدت لم يؤكل ولدها ولو نزا حمار أهلي على حمارة وحشية وولدت يؤكل ولدها ليعلم أن حكم الوليد حكم أمه في الحل والحرمة دون الفحل فلما كان لحم الفرس حراما كان لحم البغل كذلك وما روى في بعض الروايات عن جابر وما في رواية سيدتنا أسماء رضي الله عنها يحتمل أنه كان ذلك في الحال التي كان يؤكل فيها الحمر لان النبي عليه الصلاة والسلام إنما نهى عن أكل لحوم الحمر يوم خيبر وكانت الخيل تؤكل في ذلك الوقت ثم حرمت يدل عليه ما روى عن الزهري أنه قال ما علمنا الخيل أكلت الا في حصار وعن الحسن رضي الله عنه أنه قال
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306