المبيع زيادة متصلة غير متولدة من الأصل كما إذا كان ثوبا فصبغه أو سويقا فلته بسمن أو كان أرضا فبنى عليها أو غرس فيها انه يبطل خياره لأن هذه الزيادة مانعة من الرد بالاجماع فكانت مسقطة للخيار ولو كانت الزيادة متصلة متولدة من الأصل كالحسن والجمال والسمن والبراء من المرض وانجلاء البياض من العين ونحو ذلك فكذلك عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد لا يبطل بناء على أن هذه الزيادة تمنع الرد عندهما كما في العيب في المهر في النكاح وعنده لا تمنع والمسألة تأتى في موضعها إن شاء الله تعالى وإن كانت الزيادة منفصلة متولدة من الأصل كالولد والثمر واللبن ونحوها أو كانت غير متولدة من الأصل لكنها بدل الجزء الفائت كالأرش أو بدل ما هو في معنى الجزء كالعقر يبطل خياره لأنها مانعة من الرد عندنا وإن كانت منفصلة غير متولدة من الأصل ولا هي بدل الجزء الفائت أو ما هو في معنى الجزء كالصدقة والكسب والغلة لا يبطل خياره لأن هذه الزيادة لا تمنع الرد فلا يبطل الخيار فان اختار البيع فالزوائد له مع الأصل لأنه تبين انها كسب ملكه فكانت ملكه وان اختار الفسخ رد الأصل مع الزوائد عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد الزوائد تكون له بناء على أن ملك المبيع كان موقوفا فإذا فسخ تبين انه لم يدخل في ملكه فتبين أن الزيادة حصلت على ملك البائع فيردها إليه مع الأصل وعندهما المبيع دخل في ملك المشتري فكانت الزوائد حاصلة على ملكه والفسخ يظهر في الأصل لا في الزيادة فبقيت على حكم ملك المشتري ولو كان المبيع دابة فركبها فان ركبها لحاجة نفسه كان إجازة وان ركبها ليسقيها أو يشترى لها علفا أو ليردها على بائعها فالقياس أن يكون إجازة لأنه يمكنه أن يفعل ذلك قودا وفى الاستحسان لا يكون إجازة وهو على خياره لان ذلك مما لا بد منه خصوصا إذا كانت الدابة صعبة لا تنقاد بالقود فكان ذلك من ضرورات الرد فلا يجعل إجازة ولو ركبها لينظر إلى سيرها لا يبطل خياره لأنه لا بد له من ذلك للاختبار بخلاف خيار العيب انه إذا ركبها بعد ما علم بالعيب انه يبطل خياره لان له منه بدا ولا حاجة إلى الركوب هناك لمعرفة سيرها فكان دليل الرضا بالعيب ولو كان المبيع ثوبا فلبسه لينظر إلى قصره من طوله وعرضه لا يبطل خياره لان ذلك لا يحتاج إليه للتجربة والامتحان أنه يوافقه أم لا فلم يكن منه بد ولو ركب الدابة ليعرف سيرها ثم ركبها مرة أخرى ينظر ان ركبها لمعرفة سير أخرى غير الأول بأن ركبها مرة ليعرف انها هملاج ثم ركبها ثانيا ليعرف سرعة عدوها فهو على خياره لان معرفة السير مقصودة تقع الحاجة إليها في بعض الدواب وان ركبها لمعرفة السير الأول قالوا يسقط وكذا في استخدام الرقيق إذا استخدمه في نوع ثم استخدمه في ذلك النوع قالوا يسقط خياره وبعض مشايخنا قالوا لا يسقط لان الاختبار لا يحصل بالمرة الواحدة لجواز ان الأول وقع اتفاقا فيحتاج إلى التكرار لمعرفة العادة وفى الثوب إذا لبسه مرة لمعرفة الطول والعرض ثم لبسه ثانيا يسقط خياره لأنه لا حاجة إلى تكرار اللبس في الثوب لحصول المقصود باللبس مرة واحدة ولو حمل على الدابة علفا فهو إجازة لأنه يمكنه حمل العلف على غيرها ولو قص حوافرها أو أخذ من عرفها شيئا فهو على خياره لأنه تصرف لا يختص بالملك إذ هو من باب اصلاح الدابة فيملكه كل واحد ويكون مأذونا فيه دلالة كما إذا علفها أو سقاها ولو ودجها أو بزغها فهو إجازة لأنه تصرف فيها بالتنقيص فإن كان شاة فجلبها أو شرب لبنها فهو إجازة لأنه لا يحل الا بالملك أو الاذن من المالك ولم يوجد الاذن فكان دليلا على قصد التملك أو التقرير فيكون إجازة ولو كان المبيع دارا فسكنها المشترى أو أسكنها غيره باجر أو بغير أجر أو رم شيئا منها أو جصصها أو طينها أو أحدث فيها شيئا أو هدم فيها شيئا فذلك كله إجازة لأنه دليل اختيار الملك أو تقريره فكان إجازة دلالة وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي في سكنى المشترى روايتان ووفق بينهما فحمل إحداهما على ابتداء السكنى والأخرى على الدوام عليه ولو كان فيها ساكن باجر فباعها البائع برضا المستأجر وشرط الخيار للمشترى فتركه المشترى فيها أو استأوى الغلة فهو إجازة لان الأجرة بدل المنفعة فكان أخذها دلالة قصد تملك المنفعة أو تقرير ملك المنفعة وذلك قصد تملك الدار أو تقرر ملكه فيها فكان إجازة ولو كان المبيع أرضا فيها حرث فسقاه أو حصده أو قصل منه شيئا فهو إجازة لان السقي تصرف في الحرث بالتزكية فكافى دليل اختيار البيع وايجابه
(٢٧٠)