المشترى ثمنهما ليس له أن يأخذ أحدهما أو كلاهما ما لم ينقد ثمنهما جميعا لان الخيار لما سقط ولزم العقد صار كأنه اشتراهما جميعا شراء باتا ولو كان كذلك كان الامر على ما وصفنا فكذا هذا ولو اشترى ثوبا واحدا أو دابة واحدة بثمن معلوم على أن المشترى أو البائع بالخيار في نصفه ونصفه بات جاز البيع لان النصف معلوم وثمنه معلوم أيضا والله سبحانه وتعالى أعلم ولو باع عددا من جملة المعدودات المتفاوتة كالبطيخ والرمان بدرهم والجملة أكثر مما سمى فالبيع فاسد لجهالة المبيع جهالة مفضية إلى المنازعة فان عزل ذلك القدر من الجملة بعد ذلك أو تراضيا عليه فهو جائز لان ذلك بيع مبتدأ بطريق التعاطي واليه أشار في الكتاب فقال وإنما وقع البيع على هذا المعزول حين تراضيا وهذا نص على جواز البيع بالمراوضة ولو قال بعت هذا العبد بقيمته فالبيع فاسد لأنه جعل ثمنه قيمته وانها تختلف باختلاف تقويم المقومين فكان الثمن مجهولا وكذلك إذا اشترى من هذا اللحم ثلاثة أرطال بدرهم ولم يبين الموضع فالبيع فاسد وكذلك إذا بين الموضع بان قال زن لي من هذا الجنب رطلا بكذا أو من هذا الفخذ على قياس قول أبي حنيفة في السلم وعلى قياس قولهما يجوز وكذا روى عن محمد رحمه الله أنه يجوز وكذا إذا باع بحكم المشترى أو بحكم فلان لأنه لا يدرى بماذا يحكم فلان فكان الثمن مجهولا وكذا إذ قال بعتك هذا بقفيز حنطة أو بقفيزي شعير لان الثمن مجهول وقيل هو البيعان في بيع وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعين في بيع وكذا إذا قال بعتك هذا العبد بألف درهم إلى سنة أو بألف وخمسمائة إلى سنتين لان الثمن مجهول وقيل هو الشرطان في بيع وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن شرطين في بيع ولو باع شيئا بربح ده بازده ولم يعلم المشترى رأس ماله فالبيع فاسد حتى يعلم فيختار أو يدع هكذا روى ابن رستم عن محمد لأنه إذا لم يعلم رأس ماله كان ثمنه مجهولا وجهالة الثمن تمنع صحة البيع فإذا علم ورضى به جاز البيغ لان المانع من الجواز هو الجهالة عند العقد وقد زالت في المجلس وله حكم حالة العقد فصار كأنه كان معلوما عند العقد وان لم يعلم به حتى إذ افترقا تقرر الفساد ولو هلك المبيع قبل العلم بعد القبض فعليه قيمته لان هذا حكم البيع الفاسد وقد تقرر الفساد بالهلاك لان بالهلاك خرج البيع عن احتمال الإجازة والرضا لان الإجازة إنما تلحق القائم دون الهالك فتقرر الفساد فلزمته القيمة وروى ابن شجاع عن محمد أن البيع جائز ومعناه أنه موقوف على الإجازة واليه أشار أبو يوسف رحمه الله فإنه قال صح وهذه أمارة البيع الموقوف فان مات البائع قبل أن يرضى المشترى وقد قبض أو لم يقبض انتقض البيع ولو كان المبيع عبدا فقبضه ثم أعتقه أو باعه أو مات قبل العلم جاز العتق والبيع وعليه قيمته لوجود الهلاك حقيقة بالموت وبالاعتاق في المبيع فخرج البيع عن احتمال الإجازة فتأكد الفساد فيلزمه القيمة ولو أعتقه بعد ما علم برأس المال فعليه الثمن لان اقدامه على الاعتاق دليل الإجازة ولو عتق بالقرابة قبل العلم بالثمن بعد القبض فعليه قيمته لأنه لا صنع له في القرابة فلم يوجد دليل الإجازة فكان العتق بها بمنزلة هلاك العبد قبل العلم وهناك تجب القيمة كذا ههنا وكذا إذا باع الشئ برقمه أو رأس ماله ولم يعلم المشترى رقمه ورأس ماله فهو كما إذا باع شيئا بربح ده بازده ولم يعلم ما اشترى به ولو قال بعتك قفيزا من هذه الصبرة صح وإن كان قفيزا من صبرة مجهولا لكن هذه جهالة لا تفضى إلى المنازعة لان الصبرة الواحدة متماثلة القفزان بخلاف الشاة من القطيع وثوب من الأربعة لان بين شاة وشاة تفاوتا فاحشا وكذا بين ثوب وثوب والله سبحانه وتعالى أعلم ولو باع شيئا بعشرة دراهم أو بعشرة دنانير وفى البلد نقود مختلفة انصرف إلى النقد الغالب لان مطلق الاسم ينصرف إلى المتعارف خصوصا إذا كان فيه صحة العقد وإن كان في البلد نقود غالبة فالبيع فاسد لان الثمن مجهول إذ البعض ليس بأولى من البعض وعلى هذا يخرج أصل أبي حنيفة عليه الرحمة أن جملة الثمن إذا كانت مجهولة عند العقد في بيع مضاف إلى جملة فالبيع فاسدا لا في القدر الذي جهالته لا تفضى إلى المنازعة وجملة الكلام فيه أن المبيع لا يخلو اما إن كان من المثليات من المكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة واما أن يكون من غيرها من الذرعيات والعدديات المتفاوتة ولا يخلو اما ان سمى جملة الكيل والوزن والعدد والذرع في البيع واما ان لم يسم اما المكيلات فإن لم يسم جملتها بان قال بعت منك هذه الصبرة كل قفيز منها
(١٥٨)