وقوله سبحانه وتعالى فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله شرع سبحانه وتعالى البيع والشراء والتجارة وابتغاء الفضل من غير فصل بين ما إذا وجد من المالك بطريق الأصالة وبين ما إذا وجد من الوكيل في الابتداء أو بين ما إذا وجدت الإجارة من المالك في الانتهاء وبين وجود الرضا في التجارة عند العقد أو بعده فيجب العمل باطلاقها الا ما خص بدليل وروى عن النبي عليه الصلاة والسلام انه دفع دينارا إلى حكيم بن حزام رضي الله عنه وأمره أن يشترى له أضحية فاشترى شاتين ثم باع إحداهما بدينار وجاء بدينار وشاة إلى النبي عليه الصلاة والسلام فدعا له بالبركة وقال عليه الصلاة والسلام بارك الله في صفقة يمينك ومعلوم انه لم يكن حكيم مأمورا ببيع الشاة فلو لم ينعقد تصرفه لما باع ولما دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير والبركة على ما فعل ولا نكر عليه لان الباطل ينكر ولان تصرف العاقل محمول على الوجه الأحسن ما أمكن وقد أمكن حمله على الأحسن ههنا وقد قصد البر به والاحسان إليه بالإعانة على ما هو خير للمالك في زعمه لعلمه بحاجته إلى ذلك لكن لم يتبين إلى هذه الحالة لموانع وقد يغلب على ظنه زوال المانع فأقدم عليه نظرا لصديقه واحسانا إليه لبيان المحمدة والثناء لتحمل مؤنة مباشرة التصرف الذي هو محتاج إليه والثواب من الله عز وجل بالإعانة على البر والاحسان قال الله تبارك وتعالى وتعاونوا على البر والتقوى وقال تعالى جل شأنه وأحسنوا ان الله يحب المحسنين الا أن في هذه التصرفات ضررا في الجملة لان للناس رغائب في الأعيان وقد يقدم الرجل على شئ ظهرت له الحاجة عنه بإزالته عن ملكه لحصول غرضه بدون ذلك ونحو ذلك فيتوقف على إجازة المالك حتى لو كان الامر على ما ظنه مباشر التصرف إجازة وحصل له النفع من جهته فينال الثواب والثناء والا فلا يجيزه ويثنى عليه بقصد الاحسان وايصال النفع إليه فلا يجوز القول باهدار هذا التصرف والحاق كلامه وقصده بكلام المجانين وقصدهم مع ندب الله عز وجل إلى ذلك وحثه عليه لما تلونا من الآيات وقوله صحة التصرف عبارة عن اعتباره في حق الحكم قلنا نعم وعندنا هذا التصرف مفيد في الجملة وهو ثبوت الملك فيما يتضرر المالك بزواله موقوفا على الإجازة اما من كل وجه أو من وجه لكن لا يظهر شئ من ذلك عند العقد وإنما يظهر عند الإجازة وهو تفسير التوقف عندنا أن يتوقف في الجواب في الحال انه صحيح في حق الحكم أم لا ولا يقطع القول به للحال ولكن يقطع القول بصحته عند الإجازة وهذا جائز وله نظائر في الشرع وهو البيع بشرط الخيار للبائع أو المشترى على ما عرف (وأما) شراء الفضولي ففيه تفصيل نذكره إن شاء الله تعالى في موضعه ثم الإجازة إنما تلحق تصرف الفضولي عندنا بشرائط (منها) أن يكون له مجيز عند وجوده فما لا مجيز له عند وجوده لا تلحقه الإجازة لان ماله مجيز متصور منه الاذن للحال وبعد وجود التصرف فكان الانعقاد عند الاذن القائم مفيدا فينعقد وما لا مجيز له لا يتصور الاذن به للحال والاذن في المستقل قد يحدث وقد لا يحدث فان حدث كان الانعقاد مفيدا وان لم يحدث لم يكن مفيدا فلا ينعقد مع الشك في حصول الفائدة على الأصل المعهود ان ما لم يكن ثابتا بيقين لا يثبت مع الشك وإذا لم ينعقد لا تلحقه الإجازة لان الإجازة للمنعقد وعلى هذا يخرج ما إذا طلق الفضولي امرأة البالغ أو أعتق عبده أو وهب ماله أو تصدق به انه ينعقد موقوفا على الإجازة لان البالغ يملك هذه التصرفات بنفسه فكان لها مجيزا حال وجودها فيتوقف على إجازة المالك وبمثله لو فعل ذلك على الصبي لا ينعقد لان الصبي ليس من أهل هذه التصرفات بنفسه ألا ترى لو فعل ذلك بنفسه لا تنعقد فلم يكن لها مجيز حال وجودها فلم تنعقد وكذلك الصبي المحجور عليه إذا باع مال نفسه أو اشترى أو تزوج امرأة أو زوج أمته أو كاتب عبده أو فعل بنفسه ما لو فعل عليه وليه لجاز عليه يتوقف على إجازة وليه ما دام صغيرا أو على اجازته بنفسه بعد البلوغ ان لم يوجد من وليه في حال صغره حتى لو بلغ الصبي قبل إجازة الولي فأجاز بنفسه جاز ولا يتوقف على نفس البلوغ من غير إجازة لأن هذه التصرفات لها مجيز حال وجودها ألا ترى انه لو فعلها وليه جازت فاحتمل التوقف على الإجازة وإنما يتوقف على اجازته بنفسه أيضا بعد البلوغ كما يتوقف على إجازة وليه في حال صغره لأنه لما بلغ فقد ملك الانشاء فأولى أن يملك الإجازة ولان ولايته على نفسه فوق ولاية وليه عليه في حال صغره فلما
(١٤٩)