صلحت هذا الصيغة شطرا في النكاح صلحت شطرا في البيع لان الركن في كل واحد منهما هو الايجاب والقبول ولنا ان قوله بع أو اشتر طلب الايجاب والقبول وطلب الايجاب والقبول لا يكون ايجابا وقبولا فلم يوجد الا أحد الشطرين فلا يتم الركن ولهذا لا ينعقد بلفظ الاستفهام لكون الاستفهام سؤال الايجاب والقبول لا ايجابا و قبولا كذا هذا وهذا هو القياس في النكاح الا انا استحسنا في النكاح بنص خاص وهو ما روى أبو يوسف ان بلالا خطب إلى قوم من الأنصار فأبوا أن يزوجوه فقال لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أخطب إليكم لم أخطب فقالوا له أملكت ولم ينقل ان بلالا رضي الله عنه قال قبلت فتركنا القياس هناك بالنص ولا نص في البيع فوجب العمل بالقياس ولأن هذه الصيغة مساومة حقيقة فلا تكون ايجابا وقبولا حقيقة بل هي طلب الايجاب والقبول فلا بد للايجاب والقبول من لفظ آخر يدل عليهما ولا يمكن حمل هذه الصيغة على المساومة في باب النكاح لان المساومة لا توجد في النكاح عادة فحملت على الايجاب والقبول على أن الضرورة توجب أن يكون قول القائل زوج ابنتك منى شطر العقد فلو لم تجعل شطر العقد لتضرر به الولي لجواز ان يزوج ولا يقبل المخاطب فيلحقه الشين فجعلت شطرا لضرورة دفع الضرر عن الأولياء وهذا المعنى في باب البيع منعدم فبقيت سؤالا فلا يتم به الركن ما لم يوجد الشطر الآخر (وأما) صفة الايجاب والقبول فهو أن أحدهما لا يكون لازما قبل وجود الآخر فأحد الشطرين بعد وجوده لا يلزم قبل وجود الشطر الآخر حتى إذا وجد أحد الشطرين من أحد المتبايعين فللاخر خيار القبول وله خيار الرجوع قبل قبول الآخر لما روى عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا عن بيعهما والخيار الثابت لهما قبل التفرق عن بيعهما هو خيار القبول وخيار الرجوع ولان أحد الشطرين لو لزم قبل وجود الآخر لكان صاحبه مجبورا على ذلك الشطر وهذا لا يجوز (وأما) المبادلة بالفعل فهي التعاطي ويسمى هذا البيع بيع المراوضة وهذا عندنا وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز البيع بالتعاطي لان البيع في عرف الشرع كلام ايجاب وقبول فاما التعاطي فلم يعرف في عرف الشرع بيعا وذكر القدوري ان التعاطي يجوز في الأشياء الخسيسة ولا يجوز في الأشياء النفيسة ورواية الجواز في الأصل مطلق عن هذا التفصيل وهي الصحيحة لان البيع في اللغة والشرع اسم للمبادلة وهي مبادلة شئ مرغوب بشئ مرغوب وحقيقة المبادلة بالتعاطي وهو الاخذ والاعطاء وإنما قول البيع والشراء دليل عليهما والدليل عليه قوله عز وجل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم والتجارة عبارة عن جعل الشئ للغير ببدل وهو تفسير التعاطي وقال سبحانه وتعالى أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين أطلق سبحانه وتعالى اسم التجارة على تبادل ليس فيه قول البيع وقال الله عز وجل ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة سمى سبحانه وتعالى مبادلة الجنة بالقتال في سبيل الله تعالى اشتراء وبيعا لقوله تعالى في آخر الآية فاستبشروا ببيعكم الذين بايعتم به وان لم يوجد لفظ البيع وإذا ثبت ان حقيقة المبادلة بالتعاطي وهو الاخذ والاعطاء فهذا يوجد في الأشياء الخسيسة والنفيسة جميعا فكان التعاطي في كل ذلك بيعا فكان جائزا (فصل) وأما شرائط الركن فلا يمكن الوصول إلى معرفتها الا بعد معرفة أقسام البياعات لان منها ما يعم البياعات كلها (ومنها) ما يخص البعض دون البعض فنقول البيع في القسمة الأولى ينقسم قسمين قسم يرجع إلى البدل وقسم يرجع إلى الحكم (أما) الذي يرجع إلى البدل فينقسم قسمين آخرين أحدهما يرجع إلى البدلين والآخر يرجع إلى أحدهما وهو الثمن أما الأول فنقول البيع في حق البدلين ينقسم أربعة أقسام بيع العين بالعين وهو بيع السلع بالسلع ويسمى بيع المقايضة وبيع العين بالدين وهو بيع السلع بالأثمان المطلقة وهي الدراهم والدنانير وبيعها بالفلوس النافقة وبالمكيل الموصوف في الذمة والموزون الموصوف والعددي المتقارب الموصوف وبيع الدين بالعين وهو السلم وبيع الدين بالدين وهو بيع الثمن المطلق بالثمن المطلق وهو الصرف (فاما) الذي يرجع إلى أحد البدلين وهو الثمن فينقسم في حق البدل وهو الثمن أقسام بيع المساومة وهو مبادلة المبيع بأي ثمن اتفق
(١٣٤)