التسليم محصلا لغرضه فيبقى على شفعته كما لو أخبر انها بيعت بحنطة فسلم ثم تبين انها بيعت بشعير قيمته مثل قيمة الحنطة (ولنا) ان الدراهم والدنانير في حق الثمنية كجنس واحد لأنها أثمان الأشياء وقيمتها تقوم الأشياء بها تقويما واحدا أعني انها تقوم بهذا مرة وبذاك أخرى وإنما يختلفان في القدر لا غير فوجب اعتبار قدر قيمتهما في الكثرة والقلة كما إذا أخبر انها بيعت بألف درهم أو بمائة دينار فسلم ثم تبين انها بيعت بأكثر أو بأقل على ما بينا كذا هذا بخلاف ما إذا أخبر انها بيعت بحنطة فسلم ثم تبين انها بيعت بشعير قيمته مثل قيمة الحنطة أو أقل أو أكثر لان هناك اختلف إذ الحنطة والشعير جنسان مختلفان على الاطلاق واختلاف الجنس يوجب اختلاف الغرض فلم يصح التسليم ولو أخبر انها بيعت بألف درهم فسلم ثم تبين انها بيعت بمكيل أو بموزون سوى الدرهم والدنانير أو عددي متقارب فالشفعة قائمة لان الثمن الذي وقع به البيع إذا كان من ذوات الأمثال فالشفيع يأخذ بمثله وانه جنس آخر غير الجنس الذي أخبر به الشفيع فاختلف الغرض ولو أخبر انها بيعت بألف فسلم ثم تبين انها بيعت بعرض وما ليس من ذوات الأمثال فإن كانت قيمته مثل الألف أو أكثر صح تسليمه وإن كانت أقل لم يصح تسليمه وله الشفعة لان الشفيع ههنا يأخذ الدار بقيمة العرض لأنه لا مثل له وقيمته دراهم أو دنانير فكان الاختلاف راجعا إلى القدر فأشبه آلاف والألفين والألف وخمسمائة على ما مر ولو أخبر بشراء نصف الدار فسلم ثم تبين انه اشترى الجميع فله الشفعة ولو أخبر بشراء الجميع فسلم ثم تبين انه اشترى النصف فالتسليم جائز ولا شفعة له هذا هو الرواية المشهورة في الفصلين وقد روى الجواب فيهما على القلب وهو ان التسليم في النصف يكون تسليما في الكل والتسليم في الكل لا يكون تسليما في النصف (وجه) هذه الرواية ان تسليم النصف لعجزه عن الثمن ومن عجز عن القليل كان عن الكثير أعجز فأما العجز عن الكثير لا يدل على العجز عن القليل (وجه) الرواية المشهورة ان التسليم في النصف للاحتراز عن الضرر وهو ضرر الشركة وهذا لا يوجد في الكل فاختلف الغرض فلم يصح التسليم فبقي على شفعته وإذا صح تسليم الكل فقد سلم البعض ضرورة لأنه داخل في الكل فصار بتسليم الكل مسلما للنصف لان الشركة عيب فكان التسليم بدون العيب تسليما مع العيب من طريق الأولى ولو أخبر ان المشترى زيد فسلم ثم تبين انه عمرو فهو على شفعته لان التسليم للأمن عن الضرر والامن عن ضرر زيد لا يدل على الامن عن ضرر عمرو لتفاوت الناس في الجوار ولو أخبر أن المشترى زيد فسلم ثم تبين انه زيد وعمرو كان له أن يأخذ نصيب عمرو لأنه سلم نصيب زيد لا نصيب عمرو فبقي له الشفعة في نصيبه ولو أخبر ان الدار بيعت بألف درهم فسلم ثم إن البائع حط عن المشترى خمسمائة وقبل المشترى الحط كان له الشفعة لان الحط يلتحق بأصل العقد فتبين ان البيع كان بخمسمائة فصار كما إذا أخبر انها بيعت بألف فسلم ثم تبين انها بيعت بخمسمائة ولو لم يقبل الحط لم تجب الشفعة لان الحط لم يصح إذا لم يقبل فلم يتبين انها بيعت بأنقص من الف فلم تجب الشفعة ولو باع الشفيع داره التي يشفع بها بعد شراء المشترى هل تبطل شفعته فهذا لا يخلو اما إن كان البيع باتا واما إن كان فيه شرط الخيار فإن كان باتا لا يخلو اما ان باع كل الدار واما ان باع جزأ منها فان باع كلها بطلت شفعته لان سبب الحق هو جوار الملك وقد زال سواء علم بالشراء أو لم يعلم لان هذا في معنى صريح الاسقاط لان ابطال سبب الحق ابطال الحق فيستوى فيه العلم والجهل فان رجعت الدار إلى ملكه بعيب بقضاء أو بغير قضاء أو بخيار رؤية أو بخيار شرط للمشترى فليس له أن يأخذ بالشفعة لان الحق قد بطل فلا يعود الا بسبب جديد وكذلك لو باعها الشفيع بيعا فاسدا وقبضها المشترى بطلت شفعته لزوال سبب الحق وهو جوار الملك فان نقض البيع فلا شفعة له لما ذكرنا ان الحق بعد ما بطل لا يعود الا بسبب جديد وان باع جزأ من داره فان باع جزأ شائعا منها فله الشفعة بما بقي لان ما بقي يصلح لاستحقاق الشفعة ابتداء فأولى أن يصلح للبقاء لان البقاء أسهل من الابتداء وان باع جزأ معينا بيتا أو حجرة فإن كان ذلك لا يلي الدار التي فيها الشفعة فكذلك لان السبب وهو جوار الملك قائم وإن كان مما يلي تلك الدار فان استغرق حدود الدار التي فيها الشفعة بطلت الشفعة لان الجوار قد زال وان بقي من حدها شئ ملاصق لما بقي من الدار فهو على شفعته لما ذكرنا ان
(٢٠)