بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٣٦
الجد بالانفاق عليهم عند حاجتهم ثم يرجع به على ابنه لان النفقة لا تجب على الجد مع وجود الأب إذا كان الأب قادرا على الكسب ألا ترى انه لا يجب عليه نفقة ابنه فنفقة أولاده أولى وان لم يكن الأب قادرا على الكسب بأن كان زمنا قضى بنفقتهم على الجد لان عليه نفقة أبيهم فكذا نفقتهم وروى عن أبي يوسف أنه قال في صغير له والد محتاج وهو زمن فرضت نفقته على قرابته من قبل أبيه دون قرابته من قبل أمه كل من أجبرته على نفقة الأب أجبرته على نفقة الغلام إذا كان زمنا لان الأب إذا كان زمنا كانت نفقته على قرابته فكذا نفقة ولده لأنه جزؤه قال فإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه قضيت بنفقته على أبيه وأمرت الحال أن ينفق عليه ويكون ذلك دينا على الأب ووجه الفرق بين قرابة الأب وقرابة الام ان قرابة الأب تجب عليهم نفقة الأب إذا كان زمنا فكذا نفقة ولده الصغير فاما قرابة الام فلا يجب عليهم نفقة الأب ولا نفقة الولد لان الأب لا يشاركه أحد في نفقة ولده وإن كان المنفق هو الابن وهو معسر مكتسب ينظر في كسبه فإن كان فيه فضل عن قوته يجبر على الانفاق على الأب من الفضل لأنه قادر على احيائه من غير خلل يرجع إليه وإن كان لا يفضل من كسبه شئ يؤمر فيما بينه وبين الله عز وجل ان يواسي أباه إذ لا يحسن أن يترك أباه ضائعا جائعا يتكفف الناس وله كسب وهل يجبر على أن ينفق عليه وتفرض عليه النفقة إذا طلب الأب الفرض أو يدخل عليه في النفقة إذا طلب الأب ذلك قال عامة الفقهاء انه لا يجبر على ذلك وقال بعضهم يجبر عليه واحتجوا بما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال لو أصاب الناس السنة لادخلت على أهل كل بيت مثلهم فان الناس لم يهلكوا على أنصاف بطونهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم طعام الواحد يكفي الاثنين وجه قول العامة ان الجبر على الانفاق والاشراك في نفقة الولد المعسر يؤدى إلى اعجازه عن الكسب لان الكسب لا يقوم الا بكمال القوة وكمال القوة بكمال الغذاء فلو جعلناه نصفين لم يقدر على الكسب وفيه خوف هلاكهما جميعا وذكر في الكتاب أرأيت لو كان الابن يأكل من طعام رجل غنى يعطيه كل يوم رغيفا أو رغيفين أيؤمر الابن ان يعطى أحدهما أباه قال لا يؤمر به ولو قال الأب للقاضي ان ابني هذا يقدر على أن يكتسب ما يفضل عن كسبه مما ينفق على لكنه يدع الكسب عمدا يقصد بذلك عقوقي ينظر القاضي في ذلك فإن كان الأب صادقا في مقالته أمر الابن بان يكتسب فينفق على أبيه وان لم يكن صادقا بان علم أنه غير قادر على اكتساب زيادة تركه هذا إذا كان الولد واحدا فإن كان له أولاد صغار وزوجة ولا يفضل من كسبه شئ ينفق على أبيه فطلب الأب من القاضي أن يدخله في النفقة على عياله يدخله القاضي ههنا لان ادخال الواحد على الجماعة لا يخل بطعامهم خللا بينا بخلاف ادخال الواحد على الواحد هذا إذا لم يكن الأب عاجزا عن الكسب فاما إذا كان عاجزا عنه بأن كان زمنا يشارك الابن في قوته ويدخل عليه فيأكل معه وان لم يكن له عيال لأنه ليس في المشاركة خوف الهلاك وفي ترك المشاركة خوف هلاك الأب فتجب المشاركة وكذلك الام إذا كانت فقيرة تدخل على ابنها فتأكل معه لكن لا يفرض لهما عليه نفقة على حدة والله عز وجل أعلم وأما الذي يرجع إليهما جميعا فنوعان أحدهما اتحاد الدين في غير قرابة الولاد من الرحم المحرم فلا تجرى النفقة بين المسلم والكافر في هذه القرابة فاما في قرابة الولاد فاتحاد الدين فيها ليس بشرط فيجب على المسلم نفقة آبائه وأمهاته من أهل الذمة ويجب على الذمي نفقة أولاده الصغار الذين أعطى لهم حكم الاسلام باسلام أمهم ونفقة أولاده الكبار المسلمين الذين هم من أهل استحقاق النفقة على ما نذكره ووجه الفرق من وجهين أحدهما ان وجوب هذه النفقة على طريق الصلة ولا تجب صلة رحم غير الوالدين عند اختلاف الدين وتجب صلة رحم الوالدين مع اختلاف الدين بدليل انه يجوز للمسلم ان يبتدئ بقتل أخيه الحربي ولا يجوز له أن يبتدئ بقتل أبيه الحربي وقد قال سبحانه في الوالدين الكافر وصاحبهما في الدنيا معروفا ولم يرد مثله في غير الوالدين والثاني ان وجوب النفقة في قرابة الولاد بحق الولادة لما ذكرنا ان الولادة توجب الجزئية والبعضية بين الوالد والولد وذا لا يختلف باختلاف الدين فلا يختلف الحكم المتعلق به والوجوب في غيرها من الرحم المحرم بحق الوراثة ولا وراثة عند اختلاف الدين
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222