بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٢٨
ولو أقرت المرأة انها كانت قد تعجلت النفقة من الزوج فان الزوج يأخذ منها ولا يأخذ من الكفيل لان الاقرار حجة قاصرة فيظهر في حقها لا في حق الكفيل ولو طلبت الزوجة من الحاكم أن يدفع مهرها ونفقتها من الوديعة والدين لم يفعل ذلك وإن كان عالما بهما لان القضاء بالنفقة في الوديعة والدين كان نظرا للغائب لما في الانفاق من احياء زوجته بدفع الهلاك عنها والظاهر أنه يرضى بذلك وهذا المعنى لا يوجد في المهر والدين ولو كان الحاكم فرض لها على الزوج النفقة قبل غيبته فطلبت من الحاكم أن يقضى لها بنفقة ماضية في الوديعة والدين قضى لها بذلك لأنه لما جاز القضاء بالنفقة في الوديعة والدين يستوى فيه الماضي والمستقبل لان طريق الجواز لا يختلف وكذلك إذا كان للغائب مال حاضر وهو من جنس النفقة وله أولاد صغار فقراء وكبار ذكور زمني فقراء أو إناث فقيرات ووالدان فقيران فإن كان المال في أيديهم فلهم ان ينفقوا منه على أنفسهم وان طلبوا من القاضي فرض النفقة منه فرض لان الفرض منه يكون إعانة لا قضاء إن كان المال في يد مودعه أو كان دينا على إنسان فرض القاضي نفقتهم منه وكذلك إذا أقر المودع والمديون بالوديعة والدين والنسب أو علم القاضي بذلك لان نفقة الوالدين والمولدين تجب بطريق الاحياء لان الانسان يرضى باحياء كله وجزئه من ماله ولهذا كان لأحدهما أن يمد يده إلى مال الآخر عند الحاجة ويأخذه من غير قضاء ولا رضا وقد تحققت الحاجة ههنا فكان للقاضي أن يفرض من طريق الإعانة لصاحب الحق وان جحدهما أو أحدهما ولا علم للقاضي به لم يفرض لما ذكرنا في الزوجة ولا يفرض لغيرهما ولا من ذوي الرحم المحرم نفقتهم في مال الغائب لان نفقتهم من طريق الصلة المحضة إذ ليس لهم حق في مال الغائب أصلا ألا ترى انه ليس لأحد أن يمد يده إلى مال صاحبه فيأخذه وان مست حاجته من غير قضاء القاضي فكان الفرض قضاء على الغائب من غير خصم حاضر فلا يجوز وان لم يكن المال من جنس النفقة فليس لهم أن يبيعوا بأنفسهم وليس للقاضي ان يبيع على الغائب في النفقة على هؤلاء العقار بالاجماع والحكم في العروض ما بينا من الانفاق أو الاختلاف وفي بيع الأب العروض خلاف نذكره في نفقة المحارم وأما يسار الزوج فليس بشرط لوجوب الفرض حتى لو كان معسر أو طلبت المرأة الفرض من القاضي فرض عليه إذا كان حاضرا وتستدين عليه فتنفق على نفسها لان الاعسار لا يمنع وجوب هذه النفقة فلا يمنع الفرض وإذا طلبت المرأة من القاضي فرض النفقة على زوجها الحاضر فإن كان قبل النقلة وهي بحيث لا تمتنع من التسليم لو طالبها بالتسليم أو كان امتناعها بحق فرض القاضي لها إعانة لها على الوصول إلى حقها الواجب لوجود سبب الوجوب وشرطه وإن كان بعد ما حولها إلى منزله فزعمت أنه ليس ينفق عليها أو شكت التضييق في النفقة فلا ينبغي له انه يجعل بالفرض ولكنه يأمره بالنفقة والتوسيع فيها لان ذلك من باب الامساك بالمعروف وانه مأمور به ويتأتى في الفرض ويتولى الزوج الانفاق بنفسه قبل الفرض إلى أن يظهر ظلمه بالترك والتضييق في النفقة فحينئذ يفرض عليه نفقة كل شهر ويأمره أن يدفع النفقة إليها لتنفق هي بنفسها على نفسها ولو قالت أيها القاضي انه يريد أن يغيب فخذ لي منه كفيلا بالنفقة لا يجبره القاضي على اعطاء الكفيل لان نفقة المستقبل غير واجبة للحال فلا يجبر على الكفيل بما ليس بواجب يحققه انه لا يجبر على التكفيل بدين واجب فكيف بغير الواجب والى هذا أشار أبو حنيفة فقال لا أوجب عليه كفيلا بنفقة لم تجب لها بعد وقال أبو يوسف أستحسن أن آخذ لها منه كفيلا بنفقة أشهر لأنا نعلم بالعادة ان هذا القدر يجب في السفر لان السفر يمتد إلى شهر غالبا والجواب ان نفقة الشهر لا تجب قبل الشهر فكان تكفيلا بما ليس بواجب فلا يجبر عليه ولكن لو أعطاها كفيلا جاز لان الكفالة بما ينوب على فلان جائزة وأما الثالث وهو بيان حكم صيرورة هذه النفقة دينا في ذمة الزوج فنقول إذا فرض القاضي لها كل شهر أو تراضيا على ذلك ثم منعها الزوج قبل ذلك أشهر غائبا كان أو حاضرا فلها ان تطالبه بنفقة ما مضى لأنها لما صارت دينا بالفرض أو التراضي صارت في استحقاق المطالبة بها كسائر الديون بخلاف نفقة الأقارب إذا مضت المدة ولم تؤخذ انها تسقط لأنها لا تصير دينا رأسا لان وجوبها
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222