هذه الجارية متعذر لان الشاهد أقر أنها أم ولد وحين ما أقر كان له ملك فيما في الظاهر فينفذ اقراره في حقه وإذا مات المشهود عليه فإنها تسعى في نصف قيمتها لورثته لان في زعم الشاهد انها عتقت بموت صاحبه لزعمه انها أم ولد صاحبه والأمة المشتركة بين اثنين إذا أقر أحدهما على شريكه بالعتق كان له عليها السعاية وان كذبه صاحبه في الاقرار كذلك ههنا ونصف الولاء للمشهود عليه لأنها عتقت على ملكه ووقف النصف الآخر لان المقر أقر انه للمشهود عليه والمشهود عليه رد عليه اقراره فلا يعرف لهذا النصف مستحق معلوم فيكون لبيت المال فان جاءت بولد فقال أحدهما هو ابن الشريك وأنكر الشريك فالجواب في الام كذلك وأما الولد فيعتق ويسعى في نصف قيمته للمشهود عليه لان الشريك المقر أقر بحرية الولد من جهة شريكه وأحد الشريكين إذا شهد على الاخر بالعتق وأنكر الاخر يسعى العبد للمشهود عليه وفى مسئلتنا لا يسعى للشاهد لأنه أقر انه حر الأصل وانه لا سعاية عليه ونظير هذه المسألة ما روى بشر عن أبي يوسف في جارية بين شريكين ادعى أحدهما ان شريكه دبرها وأنكر الشريك فان أبا حنيفة قال الشاهد بالخيار ان شاء دبر فخدمته يوما والاخر يوما وان شاء أمسك ولم يدبر فخدمته يوما والآخر يوما وان شاء استسعاها في نصف قيمتها فسعت له يوما وخدمت الآخر يوما فإذا أدت فعتقت سعت للآخر وكان قول أبى يوسف في ذلك أنها كأم الولد ثم رجع وقال توقف كما قال أبو حنيفة الا في تبعيض التدبير وقال محمد تسعى الساعة وجه قول محمد على نحو ما ذكرنا في الاستيلاد وهو ان الشريك لما لم يصدقه في اقراره انقلب عليه اقراره وثبت التدبير في نصيبه وانه يتعدى إلى نصيب المنكر لعدم تجزى التدبير عنده فقد أفسد نصيب المنكر وتعذر ايجاب الضمان عليه للمنكر لتكذيبه إياه فتسعى الجارية له كما لو أنشأ التدبير في نصيبه ومن أصل أبي حنيفة ان التدبير يتجزأ فلا يصير نصيبه باقراره بالتدبير على صاحبه مدبرا كما لو دبر أحد الشريكين نصيبه انه يبقى نصيب الآخر على حاله وله التدبير والاستسعاء والترك على حاله الا ان ههنا لو اختار السعاية فإنما يستسعاها يوما ويتركها يوما لأنه يملك جميع منافعها فلا يملك ان يستسعى الا على مقدار حقه فإذا أدت عتق نصيبه ويسعى للمنكر في نصيبه لأنه فسد نصيبه وتعذر تضمين المقر فكان له ان يستسعى وأبو يوسف وافق أبا حنيفة الا أنه يقول إن التدبير يتجزأ فهو بدعوى التدبير على شريكه يدعى الضمان عليه موسرا كان أو معسرا فكان مبرئا للأمة عن السعاية فلم يبق له حق الاستسعاء ولا حق الاستخدام فيوقف نصيبه والله عز وجل أعلم وروى ابن سماعة عن أبي يوسف انه إذا شهد كل واحد منهما بالتدبير على صاحبه أو شهد كل واحد منهما على صاحبه بالاستيلاد فلا سبيل لواحد منهما على صاحبه ولا على الأمة موسرين كانا أو معسرين لان كل واحد منهما يدعى حق الحرية من جهته والابراء للأمة من السعاية ويدعى الضمان على شريكه وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف فأما محمد فوافق أبا حنيفة في هذا الفصل لان كل واحد من الشريكين ههنا أبرأ الأمة من السعاية وادعى الضمان على شريكه وروى المعلى عن أبي يوسف في عبد بين شريكين قال أحدهما للاخر هذا ابني وابنك أو ابنك وابني فقال الآخر صدقت فهو ابن المقر خاصة دون المصدق وكذلك قال محمد في الزيادات في صبي لا يعقل في يد رجلين قال أحدهما للآخر هو ابني وابنك وصدقه صاحبه وإنما كان كذلك لأنه لما قال هو ابني فكما قال ذلك ثبت نسبه منه لوجود الاقرار منه بالنسب في ملكه فلا يحتمل الثبوت من غيره بعد ذلك قال محمد لو قال هذا ابنك وسكت فلم يصدقه صاحبه حتى قال هو ابني معك فهو موقوف فان قال صاحبه هو ابني دونك فهو كما قال لأنه أقر له بالنسب ابتداء وسكت فقد استقر اقراره ووقف على التصديق فقوله بعد ذلك هو ابني يتضمن ابطال الاقرار فلا يسمع فإذا وجد التصديق من المقر له ثبت النسب منه قال فان قال المقر له ليس بابني ولكنه ابنك أو قال ليس بابني ولا ابنك أو قال ليس بابني وسكت فليس بابن لواحد منهما في قياس قول أبي حنيفة وقال محمد ان صدقه فهو ابن المقر له وان كذبه فهو ابن المقر فهذا فرع اختلافهم فيمن أقر بعبد انه ابن فلان وكذبه المقر له وادعاه المولى انه لم تصح دعوته في قول أبي حنيفة وفى قولهما تصح وجه قولهما انه لما كذبه المقر له فقد بطل اقراره كما في الاقرار بالمال
(١٢٧)