وإذا بطل اقراره التحق بالعدم فجاز ان يدعيه لنفسه ولأبي حنيفة انه لما أقر بالنسب لغيره فقد زعم أنه ثابت النسب منه فتكذيبه ينفى ثبوت النسب منه في حقه لا في حق الشريك بل بقي ثابت النسب منه في حقه فإذا ادعى ولدا هو ثابت النسب من الغير في حقه فلا تسمع دعواه ولو قال هو ابني وابنك فهو من الثاني لأنه لما قال هو ابني فقد صدقه فقد ثبت نسبه منه فاقراره بعد ذلك بقوله وابنك لم يصح قال محمد فإن كان هذا الغلام يعقل فالمرجع إلى تصديقه لأنه إذا كان عاقلا كان في يد نفسه فلا تقبل دعوى النسب عليه من غير تصديقه قال وإن كان الولد من أمة ولدته في ملكهما فالجواب كالأول في النسب ان على قول أبي حنيفة لا يثبت من المقر بعد اعترافه لشريكه وعلى قولهم يثبت قال والأمة أم ولد لمن ثبت النسب منه لان الاستيلاد يتبع النسب ومن هذا النوع ما إذا اشترى رجلان جارية فجاءت بولد في ملكهما لستة أشهر فصاعدا وادعى أحدهما ان الولد ابنه وادعى الاخر ان الجارية بنته وخرجت الدعوتان معا فالدعوة دعوة من يدعى الولد ودعوة مدعى الام باطلة لان مدعى الولد دعوته دعوة الاستيلاد والاستيلاد يستند إلى وقت العلوق ومدعى الام دعوة تحرير والتحرير يثبت في الحال ولا يستند فكانت دعوة مدعى الولد سابقة فثبت نسب الولد منه ويصير نصيبه من الجارية أم ولد له وينتقل نصيب شريكه منها إليه فكان دعوى الشريك دعوى فيما لا يملك فلا يسمع وهل يضمن مدعى الولد بنصف قيمة الام ونصف عقرها قال محمد يضمن وذكر في الجامع الكبير ان هذا قياس قول أبي حنيفة وهي رواية بشر بن الوليد عن أبي يوسف وروى ابن سماعة عن أبي يوسف انه لا شئ على مدعى الولد من قيمة الام ولا من العقر ولا شئ له أيضا على مدعى الام فان أكذب مدعى الام نفسه فله نصف قيمة الام ونصف عقرها على مدعى الولد ذكر الكرخي ان هذا القول أقيس ووجهه ان مدعى الام أقر انها حرة الأصل فكان منكرا ضمان القيمة فلا يثبت له حق التضمين فان رجع عن دعواه وأكذب نفسه ثبت له حق الضمان الذي اعترف به له شريكه وجه قول أبي حنيفة ومحمد واحدى الروايتين عن أبي يوسف انه لما ثبت نسب الولد من المدعى فقد صار نصيبه من الجارية أم ولد فكذا نصيب شريكه لعدم تجزى الجارية في حق الاستيلاد فيما يحتمل النقل فصار متلفا نصيب شريكه عليه ولا يجوز تملك مال الغير الا بعوض فيضمن لشريكه نصف قيمة الام ويضمن له نصف عقر الجارية أيضا لان الوطئ لاقاها ونصفها مملوك للشريك فما صادف ملك غيره يجب به العقر وأما قوله إن مدعى الام أقر أنها حرة الأصل فالجواب من وجهين أحدهما انه لما قضى بكونها أم ولد للمدعى فقد صار مكذبا شرعا فبطل كما لو ادعى المشترى انه اشترى الدار بألف وادعى البائع البيع بألفين وأقام البائع البينة وقضى القاضي بألفين على المدعى عليه ان الشفيع يأخذها بالألفين من المشترى وان سبق من المشترى الاقرار بالشراء بألف لما انه كذبه شرعا كذا هذا والثاني ان اقراره بحريتها وجد بعدما حكم بزوالها عن ملكه لأنها جعلت زائلة عنه من وقت العلوق فلم يصلح اقراره فلم يصر اقراره ابراء إياه عن الضمان كما في مسألة الشفيع ومن مسائل دعوى الولد إذا كاتب الرجل أمته فجاءت بولد ليس له نسب معروف فادعاه المولى ثبت نسبه منه صدقته أم كذبته وسواء جاءت بالولد لستة أشهر أو لأكثر أو لأقل فان نسب الولد يثبت على كل حال إذا ادعاه لان المكاتبة باقية على ملك المولى فكان ولدها مملوكا له ودعوة المولى ولد أمته لا تقف صحتها على التصديق وعتق الولد لان نسبه ثبت من المولى ولا ضمان عليه فيه لان غرض المكاتبة من الكتابة عتقها وعتق أولادها وقد حصل لها هذا الغرض فلا يضمن له شيئا ثم إن جاءت بالولد لأكثر من ستة أشهر فعليه العقر لأنه تبين أن الوطئ حصل في حال الكتابة وان جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ كاتبها فلا عقر عليه لأنه علم أنه وطئها قبل الكتابة والمكاتبة بالخيار ان شاءت مضت على كتابتها وان شاءت عجزت لان الحرية توجهت إليها من جهتين ولها في كل واحدة منهما غرض صحيح لان بالكتابة تتعجل لها الحرية وبالاستيلاد تسقط عنها السعاية فكان التخيير مفيدا فكان لها أن تختار أيهما شاءت وان ادعى المولى ولد جارية المكاتب له وقد علقت به في ملك المكاتب فإنه يرجع إلى تصديق المكاتب فان كذب المولى لم يثبت نسب
(١٢٨)