كما لو قال إن مت أو مات زيد ولو قال إن مت وفلان فأنت حر أو قال أنت حر بعد موتى وموت فلان أو قال بعد موت فلان وموتي لم يكن مدبر الا أن يموت فلان قبله فيصير حينئذ مدبرا وإنما لا يصير مدبرا للحال لأنه يحتمل أن يموت المولى أولا فلا يعتق لأنه علق العتق بشرطين بموته وموت فلان فلا يعتق بموته وحده ويصير العبد ميراثا فبعد ذلك ان مات فلان ووجد الشرط الآخر فإنما وجد بعدما انتقل الملك إلى الورثة ويحتمل أن يموت فلان فيصير مدبرا ويعتق بموت المولى فكان هذا كالتدبير المقيد ثم ينظر ان مات المولى أولا فقد صار العبد ميراثا للورثة لما بينا وان مات فلان أولا فقد صار مدبرا لان التدبير صار مطلقا وصار العبد بحاله يعتق بموت المولى ثم استشهد في الأصل فقال الا ترى انه لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتى فكلم فلانا كان مدبرا وكذلك قوله إذا كلمت فلانا فأنت حر بعد موتى فكلمه صار مدبرا لأنه بعد الكلام صار التدبير مطلقا فكذا هذا وقد يكون بلفظ الوصية وهو أن يوصى لعبده بنفسه أو برقبته أو بعتقه أو يوصيه بوصية يستحق من جملتها رقبته أو بعضها نحو أن يقول له أوصيتك بنفسك أو برقبتك أو بعتقك أو كل ما يعبر به عن جملة البدن لان الموصى يزيل ملكه بالوصية ثم إن كان الموصى له ممن يحتمل الملك يزول الملك إليه والا فيزول لا إلى أحد والحر لا يحتمل أن يملك نفسه لما فيه من الاستحالة فكانت الوصية له بنفسه إزالة الملك لا إلى أحد وهذا معنى الاعتاق وهذا الطريق جعل بيع نفس العبد وهبتها له اعتاقا كذا هذا فيصير في معنى قوله أنت حر بعد موتى وكذا لو قال له أوصيت لك بثلث مالي لان رقبته من جملة ماله فصار موصى له بثلثها ولان هذا إزالة الملك من الثلث لا إلى أحد فيكون اعتاقا وروى بشر عن أبي يوسف فيمن أوصى لعبده بسهم من ماله أنه يعتق بعد موته ولو أوصى له بجزء من ماله لم يعتق ووجه الفرق ان السهم عبارة عن السدس فإذا أوصى له بسدس ماله فقد دخل سدس رقبته في الوصية فاما اسم الجزء فلا يتضمن الوصية بالرقبة لا محالة فكان الخيار فيه إلى الورثة فلهم التعيين فيما شاء والله عز وجل أعلم وأما المقيد فهو ان يعلق عتق عبده بموته موصوفا بصفة أو بموته وشرط آخر نحو أن يقول إن مت من مرضى هذا أو في سفري هذا فأنت حر أو يقول إن قتلت فأنت حر أو ان غرقت فأنت حر أو ان حدث بي حدث من مرضى هذا أو من سفري هذا فأنت حر ونحو ذلك مما يحتمل أن يكون موته على تلك الصفة ويحتمل أن لا يكون وكذا إذا ذكر مع موته شرطا آخر يحتمل الوجود والعدم فهو مدبر مقيد وحكمه يذكر في موضعه إن شاء الله تعالى وروى الحسن عن أبي حنيفة أن لو قال إذا مت ودفنت أو غسلت أو كفنت فأنت حر فليس بمدبر يريد به في حق الأحكام المتعلقة بالتدبير في حال حياة المد بر لأنه علق العتق بالموت وبمعنى آخر فلم يكن مدبرا مطلقا فان مات وهو في ملكه استحسنت أن يعتق من الثلث والقياس أن لا يعتق كما لو قال إذا مت فدخلت الدار فأنت حر فمات المولى فدخل العبد الدار انه لا يعتق كذا هذا لكنه استحسن وقال يعتق من الثلث لأنه علق العتق بالموت وبما هو من علائقه فصار كما لو علقه بموت نصفه فكان حكمه حكم المدبر المقيد بخلاف قوله إذا مت فدخلت الدار لان دخول الدار لا تعلق له بالموت فلم يكن تعليقا بموت نصفه فلم يكن تدبيرا أصلا بل كان يمينا مطلقا فيبطل بالموت كسائر الايمان ثم التدبير قد يكون مطلقا وقد يكون معلقا بشرط أما المطلق فما ذكرنا أما المعلق فنحو أن يقول إن دخلت الدار أو ان كلمت فلانا أو إذا قدم زيد فأنت مدبر لان التدبير اثبات حق الحرية وحقيقة الحرية تحتمل التعليق بالشرط فكذا في حق التدبير وذكر محمد في الأصل إذا قال أنت حر بعد موتى ان شئت فان نوى بقوله إن شئت الساعة فشاء العبد في ساعته تلك صار مدبرا لأنه علق التدبير بشرط وهو المشيئة وقد وجد الشرط فيصير مدبرا كما إذا قال إن دلت الدار فأنت مدبر وان غنى به مشيئته بعد الموت فليس للعبد مشيئة حتى يموت المولى لأنه علق العتق بشرط يوجد بعد الموت فإذا وجد قبله لا يعتبر فان مات المولى فشاء عند موته فهو حر من ثلثه كذا ذكره في الأصل وذكر الحاكم في مختصره ان المراد منه أن يعتقه الوصي أو الوارث لان العتق ههنا لم يتعلق بالموت وإنما تعلق به وبأمر آخر بعده فيصير بمنزلة الوصية بالاعتاق فيجب أن لا يعتق
(١١٣)