ما لم يعتق وكذا ذكر الجصاص أنه لا يعتق حتى يعتقه الورثة لما قلنا وروى ابن سماعة وعيسى بن أبان وأبو سليمان عن محمد فيمن قال لرجل إذا مت فأعتق عبدي هذا ان شئت أو قال إذا مت فأمر عبدي هذا بيدك ثم مات فشاء الرجل عتقه في المجلس أو بعد المجلس فله أن يعتقه لان هذا وصية بالاعتاق والوصايا لا يتقيد القبول فيها بالمجلس وكذا ان قال عبدي هذا حر بعد موتى ان شئت فشاء بعد موته في المجلس أو بعد المجلس فقد وجبت الوصية لما ذكرنا ان الوصية لا يتقيد قبولها بالمجلس ولا يعتق العبد حتى يعتقه الورثة أو الوصي أو القاضي وهذا يؤيد قول الحاكم والجصاص لأنه لا فرق بين المسئلتين سوى أن هناك علق بمشيئة العبد وههنا علق بمشيئة الأجنبي وكذلك لو قال لعبده أنت حر ان شئت بعد موتى فمات المولى وقال العبد من مجلسه الذي علم فيه بموت المولى أو اخذ في عمل آخر فان ذلك لا يبطل شيئا مما جعله إليه لما ذكرنا ان هذا وصية بالاعتاق وليس بتمليك والوصية لا يقف قبولها على المجلس وأما المضاف إلى وقت فنحو أن يقول أنت مدبر غدا أو رأس شهر كذا فإذا جاء الوقت صار مدبرا لان التدبير اثبات حق الحرية فيحتمل الإضافة كاثبات حقيقة الحرية ولهذا احتمل التعليق بالشرط كذا الإضافة وقد روى بشر عن أبي يوسف فيمن قال لعبد أنت حر بعد موتى بشهر فليس بمدبر ولا يعتق الا أن يعتق وروى ابن سماعة عن محمد أنه قال القياس أن يكون باطلا ألا ترى أنه لو جنى قبل الشهر دفع بالجناية ولو لحقه دين بيع فيه ووجه القياس ما ذكرنا انه لم أعلق العتق بمضي شهر بعد الموت فكما مات انتقل الملك فيه إلى الورثة ولم يبق الا مضى الزمان وهو الشهر فلا يحتمل ثبوت العتق به فيبطل الا أنهم استحسنوا فجعلوه وصية بالاعتاق لان تصرف العاقل يحمل على الصحة ما أمكن وأمكن حمله على الوصية بالاعتاق بعد مضى شهر بعد الموت فيحمل عليها ولو قال أنت حر قبل موتى شهر فليس بمدبر لأنه ما أضاف العتق إلى الموت أصلا بل أضافة إلى زمان موصوف بأنه قبل موته بشهر من وقت التكلم وهذا أيضا يحتمل الوجود والعدم لجواز أن يموت قبل تمام الشهر من وقت الكلام فلا يكون مدبر للحال وإذا مضى شهر قبل موت المولى وهو في ملكه ذكر الكرخي في مختصره أنه مدبر في قول أبي حنيفة وزفر وعند أبي يوسف ومحمد ليس بمدبر وعلل القدوري لأبي حنيفة انه لما مضى شهر صار كأنه قال عند مضى الشهر أنت حر بعد موتى وذكر في الجامع أنه لا يكون مدبرا ويجوز بيعه ولم يذكر الخلاف وهو الصحيح وأما على قول أبي حنيفة فلان المدبر اسم لمن علق عتقه بمطلق موت المولى وههنا ما أضاف العتق إلى الموت أصلا بل أضافه إلى أول الشهر وكذا حكمه عند أبي حنيفة يثبت من أول الشهر بطريق الظهور أو يستند إليه الثابت بالتدبير يقتصر على حالة الموت ولا يستند وبهذا تبين ان ما ذكره القدوري من التعليل لأبي حنيفة غير سديد وأما على قولهما فقد ذكر في النوادر ان عندهما يصير مدبرا مطلقا ووجهه انه لما مضى الشهر ظهر ان عتقه تعلق بمطلق موت المولى فصار كأنه قال عند مضيه أنت حر بعد موتى فصار مدبرا مطلقا وأما على ظاهر الرواية منهما فلا يصير مدبرا لأنه ما علق عتقه بالموت بل بشهر ومتصل بالموت فيصير كأنه قال أنت حر قبل موتى بساعة ولو قال يوم أموت فأنت حر أو أنت حر يوم أموت فان نوى به النهار دون الليل لم يكن مدبرا لأنه نوى حقيقة كلامه إذا اليوم اسم لبياض النهار لغة ويجوز أن يموت بالليل لا بالنهار فلا يكون هذا مدبرا مطلقا وان عنى به الوقت المبهم فهو مدبر لان اليوم يذكر ويراد به الوقت المطلق قال الله تعالى ومن يولهم يومئذ دبره ومن ولى بالليل لحقه الوعيد المذكور وروى الحسن عن أبي حنيفة فيمن قال إن مت إلى سنة أو إلى عشر سنين فأنت حر فليس بمدبر لأنه علق عتقه بموت بضفة تحتمل الوجود والعدم فان قال إن مت إلى مائة سنة ومثله لا يعيش إلى ذلك الوقت في الغالب فهو مدبر لان موته في تلك المدة كائن لا محالة وروى هشام عن محمد فيمن قال أنت مدبر بعد موتى فهو مدبر الساعة لأنه أضاف التدبير إلى ما بعد الموت والتدبير بعد الموت لا يتصور فيلغو قوله بعد موتى فيبقى قوله أنت مدبر أو يجعل قوله أنت مدبر أي أنت حر فيصير كأنه قال أنت حر بعد موتى ولو قال أنت حر بعد موتى على ألف درهم فالقبول بعد الموت كذا ذكر في الجامع الصغير وهذا جواب ظاهر
(١١٤)