من حيث ذات العتق لما قلنا في العبد وإنما تقبل من حيث إن عتق الأمة حق الله تعالى على الخلوص من حيث إنه سبب لتحريم الفرج ووسيلة إليه والشئ من حيث السبب والتوسل غير ومن حيث الذات غير كما قلنا في كفر المحارب انه يوجب القتل من حيث إنه سبب للحراب لا من حيث ذاته بل ذات الكفر موجب لأنهما غيران كذا هذا ألا ترى أنه ينفصل أحدهما عن الآخر فان العتق قد لا يكون وسيلة إلى تحريم الفرج وهو عتق العبد ثم متى قبلت على العتق من حيث إنه سبب حرمة الفرج تقبل من حيث ذات العتق وكذا في طلاق المرأة من غير دعواها وليس للعتق في محل النزاع سببية تحريم الفرج فلو قبل لقبل على ذات العتق ولا وجه إليه لما بينا فإنه قيل ما ذكرتم من العذر في فصل الأمة والطلاق لا يصح لان الشهادة على عتق المجوسية والأخت من الرضاعة مقبولة من غير دعوى وهذه الشهادة لا تتضمن حرمة الفروج لان الحرمة كانت ثابتة قبل ذلك وكذا الشهادة على الطلاق الرجعي والطلاق المضاف إلى الملك يقبل من غير دعوى ولا تتضمن هذه الشهادة تحريم الفرج فالجواب أن من أصحابنا من يمنع المسئلتين الأولتين فقالوا لا تقبل الشهادة فيهما من غير دعوى لأنها لا تتضمن تحريم الفرج ومنهم من سلم مسألة المجوسية ومنع مسألة الأخت من الرضاعة وفرق بينهما من حيث إن وطئ الأمة المجوسية مملوك للمولى وإنما منع من الاستيفاء لخبثها كما يمنع من الوطئ حالة الحيض ولهذا لو وطئها لا يسقط احصانه وبعد العتق لو وطئها يسقط احصانه فالشهادة على عتقها تضمنت تحريم الفرج فقبلت من غير دعوى فأما الأخت من الرضاعة فحرام الوطئ حقيقة حيت لو وطئها يسقط احصانه مع قيام ملك اليمين والمعتبر في الباب تحريم الفرج لا الأنوثة والشهادة على النسب قط لا تقبل من غير دعوى وفيما ذكر من المسألة وهي ما إذا كان صغيرا فلا تقبل عند أبي حنيفة ما لم ينصب القاضي خصما عن الصغير ليدعى النسب له بطريق النيابة شرعا نظرا للصغير العاجز عن احياء حقه بنفسه والقاضي نصب ناظرا للمسلمين وكان ذلك شهادة على خصم وأما الاستيلاد فهو سبب لتحريم الفرج والدعاوى في الجملة لأنه يوجب حقيقة الحرية عند الموت والحرمة لازمة للحرية حتى لا يباح لها مس المولى وغسله بسبب الحرية فكان الاستيلاد في الحال سببا لثبوت الحرية فكان سببا لحق الله تعالى في الحال فيقام السبب مقام الحقيقة في حق التحريم احتياطا وهو الجواب عن الطلاق الرجعي والطلاق المضاف إلى الحرية ثمة ثبت في الجملة عند وجود زوال الحل فيعتبر السبب قائما مقام المسبب في حق الحرمة احتياطا وأما الابتداء فوجه قولهما ان عدالة الشاهد دلالة صدقه في شهادته من حيث الظاهر فيثبت المشهود به ظاهرا والقاضي مكلف بالقضاء بالظاهر فكان ينبغي أن لا تشترط الدعوى لقبول الشهادة أصلا ولهذا لم تشرط في عتق الأمة وطلاق المرأة وأسباب الحدود الا أنا عرفنا اشتراطها فيما وراء العتق من حقوق العباد بالاجماع فيقتصر على مورد الا جماع (وجه) قول أبي حنيفة ان خبر من ليس بمعصوم عن الكذب محتمل للكذب فلا يفيد العلم للقاضي بالمشهود به والأصل أن لا يجوز القضاء بما لا علم للقاضي به وبما ليس بثابت قطعا لقوله عز وجل ولا تقف ما ليس لك به علم وانه اسم للثابت قطعا وقوله سبحانه وتعالى يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق والحق اسم للكائن الثابت ولا ثبوت مع احتمال العدم فكان ينبغي أن لا يجوز القضاء به أصلا الا أن الشرع جاء بالجواز لحاجة العباد إلى دفع الفساد وهو المنازعة القائمة بينهما بالدعوى والمنازعة سبب الفساد أو لدفع فساد الزنا كما في حد الزنا وعتق الأمة وطلاق المرأة أو لدفع فساد السكر في حد الشارب والسكر فالحق المحتمل بالمتيقن أو اكتفى بظاهر الصدق مع الاحتمال دفعا للفساد فبقي الحكم فيما وراء ذلك على الأصل وعلى هذا شاهدان شهدا على رجل أنه أعتق أحد عبديه والعبدان يدعيان العتق أو يدعيه أحدهما فان شهدا في حال حياة المولى وصحته لا تقبل شهادتهما في قول أبي حنيفة وعندهما تقبل لان الدعوى شرط قبول الشهادة على عتق العبد عنده والمدعى مجهول فجهالة المدعى منعته صحة الدعوى فامتنع قبول الشهادة وعندهما الدعوى ليس بشرط فجهالة المدعى لا تكون أقل من عدم الدعوى فلا تمنع قبول الشهادة فتقبل ويجبر على البيان وان شهدا بعد وفاته على أنه
(١١١)