والسلام: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. وما ذكره المصنف من أن حكمها الاستحباب هو المشهور، وأطلق ابن زرقون عليها الوجوب. قال ابن عرفة: ولا أعرفه. قال ابن ناجي في شرح المدونة: هو قصور بل هو معروف لنقل ابن شاس في التهذيب. قال الظاهر من المذهب أنه مندوب إليه، وسمعنا في المذكرات قولين: الوجوب ونفيه، وهما على الخلاف في أوامره عليه الصلاة والسلام هل هي محمولة على الوجوب أو الندب؟ وكذلك ذكر الخلاف ابن رشد فقال: وقيل واجب، وقال ابن عبد السلام: ظاهر الحديث الوجوب لكن قد تكون القرينة الصارفة عنه هي تبعية قول الحاكي للقول المحكي الذي هو الاذان انتهى. وقوله: لمنتهى الشهادتين يعني أن الحكاية تنتهي إلى قوله: وأشهد أن محمدا رسول الله وهذا هو المشهور. قال في المدونة: ومعنى ما روي أنه إذا أذن المؤذن فقل مثل ما يقول إنما ذلك فيما يقع في قلبي إلى قوله: وأشهد أن محمدا رسول الله قال في الطراز: وما قاله صحيح لأن التكبير والتهليل والتشهد لفظ هو في عينه قربة لأنه تمجيد وتوحيد، والحيعلة إنما هي دعاء إلى الصلاة والسامع ليس بداع إليها، وقد وقع تصديق ما وقع بقلب مالك رضي الله تعالى عنه من إيماء الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ذلك، ففي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص أن النبي (ص) قال: من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه فلم يذكر عليه الصلاة والسلام إلا لفظ التمجيد والتوحيد والتشهد. وفي صحيح البخاري عن معاوية أنه لما قال المؤذن وهو جالس على المنبر: الله أكبر الله أكبر. قال معاوية: الله أكبر الله أكبر. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال معاوية: وأنا. فقال: أشهد أن محمدا رسول الله. فقال معاوية: وأنا. فلما انقضى التأذين قال معاوية: أيها الناس إني سمعت رسول الله (ص) على هذا المجلس حين أذن المؤذن يقول مثل ما سمعتم من مقالتي. فظاهره أن ما زاد على التشهد وقول مالك يقع في قلبي يريد الذي غلب على ظنه من حيث النظر على ما بينا وجهه انتهى. ومقابل المشهور أن المطلوب أن يحاكيه في جميع الاذان. قاله ابن حبيب ورواه ابن شعبان عن مالك واختاره المازري. قال في التوضيح: وهو أظهر لأنه كذلك ورد في صحيح البخاري وغيره. وعليه فيبذل الحيعلتين بالحوقلة أي يعوض عن قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم يحكي ما بعدهما.
هكذا قال في الذخيرة أو غيرها. وظاهر كلامه في التوضيح أنه إنما يعوض في قوله: حي على الصلاة فقط وليس كذلك، وذكر أنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.