فرع: أما الحر والشمس فليس بعذر قاطع، وقد كان النبي (ص) يقيمها في حر أرض الحجاز بأصحابه ويقصدون فناء الحيطان يستظلون به. قال سلمة بن الأكوع: كنا نجمع مع النبي (ص) إذا زالت الشمس ثم نرجع نبتغي الفئ أو قال الظن وما نجد للحيطان فيئا نستظل به. خرجه البخاري ومسلم. ولان مشقة ذلك تحتمل ولم يزل الناس يتقلبون في تصرفاتهم في الحر وكذلك في البرد إلا أن يهيج سموم ريح حارة كما يكون في بعض الأحايين حتى يذهب بالماء من القرب والأسقية، فمثل ذلك يكون عذرا في حق من كان خارج المصر ولكل شئ وجه انتهى. ص: (أو عمى) ش: ظاهر كلامه رحمه الله أن العمى لا يبيح التخلف عن الجمعة ولو كان الأعمى لا يجد من يقوده، وهو كذلك على ما قاله سند خلافا لابن حبيب ونصه.
فرع: وهل يتخلف عنها الأعمى؟ قال ابن حبيب: وليست على الأعمى إلا أن يكون له قائد يقوده إليها كأنه رأى أن يوم الجمعة يكثر فيه الزحام وتكثر الدواب في العادة فيقع الأعمى في مشقة بالغة وقد تهلكه الدواء سيما في الأمصار الواسعة ومن بعد منزله من المسجد، فأما في القرى وفيما قرب من المسجد فذلك خفيف. والظاهر عندي أنها لا تسقط عنه والناس يومئذ يكثرون في الشوارع ويهدونه في مضيه إلى المسجد، ويمكنه التبكير والجلوس بعد الصلاة حتى تنقضي الصلاة. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أعمى أتى النبي (ص) فقال: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد وسأله أن يرخص له في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم: قال: فأجب انتهى.