مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٥١٢
سحنون على التفسير، وحمله الباجي على الخلاف، والأول أصح للحديث يعني حديث الموطأ أن رسول الله (ص) كان يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في سفره إلى تبوك انتهى.
وحاصله أن الذي رجحه ابن بشير وابن هارون وغيرهما أن العشاءين كالظهرين في الجمع بينهما والله أعلم. ص: (أو قدم ولم يرتحل) ش: ظاهر كلامه رحمه الله تعالى أن المسافر إذا عزم على الرحيل فجمع جمع تقديم ثم بدا له على السير فلم يرتحل وأقام بالمنهل أنه يعيد الصلاة الثانية في وقتها، وهذا بناء منه رحمه الله تعالى ما فهمه في التوضيح من أن الفرعين اللذين نقلهما عن التلمساني فرع واحد وليس كذلك، بل الصواب أنهما فرعان كما نقله صاحب الطراز وصاحب الذخيرة. قال في الطراز: فلو جمعهما في أول الوقت وهو في المنهل ولم يرحل قال علي عن مالك: يعيد الأخيرة ما كان في الوقت، وهذا لأن السفر سبب الضرورة ولهذا تعلق به الفطر والقصر فتعلق به الوقت الضروري فلا يعيد من صلى فيه أبدا إلا أن محض الضرورة لما لم يكمل استحبت الإعادة في الوقت.
فرع: فلو جمع أول الوقت لشدة السير ثم بدا له فأقام بمكانه أو أتاه ترك جد السير قال ابن كنانة في المجموعة: لا إعادة عليه وهو بين قال: لأن الصلاة وقعت في حال الضرورة التامة فتعلقت بالوقت الضروري ووقعت موقعها، فزوال الضرورة بعد ذلك لا يؤثر في صحتها ولا يوجب إعادتها كما لو جمع في الحضر للمطر ثم كفت المطر بعد الجمع، وكما لو أمن بعد صلاة الخوف انتهى. فتعليله كل فرع على حدته مما يدل على أنهما فرعان فرع واحد. ونقل القرافي في الذخيرة الفرع الأول بلفظ: فإن جمع في المنهل قال مالك: يعيد الأخيرة ما دام الوقت انتهى. إذا علم ذلك فالفرع الأول منهما هو الفرع الذي أشار إليه المصنف بقوله أو ارتحل قبل الزوال ونزل عنده فجمع أعاد الثانية لأن المعنى أنه نزل عند الزوال فجمع حينئذ ولم تكن نيته الرحيل. وهذا معنى قول صاحب الطراز التلمساني جمع بين الصلاتين في أول الوقت وهو في المنهل وهو لم يرحل أي لم يرد رحيلا. ومعنى قوله في الذخيرة جمع في المنهل. ومما يدل على ذلك أن المصنف في التوضيح ذكر عن ابن الباجي أنه نقل هذا الفرع أعني من ارتحل قبل الزوال ونزل عنده عن علي عن مالك كما ذكره صاحب الطراز والتلمساني. وأيضا فقد قال المازري: لما علل تقديم العصر إلى الظهر إذا كان عزمه الرحيل ما نصه: وإذا كانت الإباحة عند الزوال لعذر الرحيل فلو زال العذر بأن نزل بعد الزوال
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»
الفهرست