في مخلوقاته، وسفر الظاهر على قسمين: سفر طلب وسفر هرب. فسفر الهرب واجب وهو إذا كان في بلد يكثر فيه الحرام ويقل فيه الحلال فإنه يجب عليه السفر منه إلى بلد يكثر فيه الحلال، وكذلك يجب عليه الهروب من موضع يشاهد فيه المنكر من شرب خمر وغير ذلك من سائر المحرمات إلى موضع لا يشهد فيه ذلك، وكذلك يجب عليه الهروب من بلد أو موضع يذل فيه نفسه إلى بلد أو موضع يعز فيه نفسه لأنه المؤمن لا يذل نفسه قال الشاعر:
إذا كنت في أرض يذلك أهلها ولم تك ذا عز بها فتغرب لأن رسول الله لم يستقم له بمكة حال فاستقام بيثرب وكذلك يجب الهروب من بلد لا علم فيه إلى بلد فيه العلم، و كذلك يجب الهروب من بلد يسمع فيها سب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ولو كان مكة والمدينة فهذا سفر الهروب. وأما سفر الطلب فهو على أقسام: واجب كسفر الحج للفريضة والجهاد إذا تعين، ومندوب وهو ما يتعلق بالطاعة، وقربة الله سبحانه كالسفر لبر الوالين أو لصلة الرحم أو للتفكر في مخلوقات الله تعالى، ومباح وهو سفر التجارة، ومكروه هو سفر صيد اللهو، وممنوع وهو السفر لمعصية الله تعالى. والسفر الذي تقصر فيه الصلاة هو الواجب والمندوب والمباح لا يباح القصر في سفر المعصية وسفر اللهو. وقيل: يباح فيهما. انتهى من باب صلاة السفر. وظاهر كلامه رحمه الله أن حكم القصر في السفر المكروه كف الأهواء كحكم القصر في سفر المعصية، وهو ظاهر كلام ابن الحاجب أيضا ونحوه للخمي. قال في السفر المكروه والممنوع، اختلف في القصر في هذين، هل يجوز أو يمنع؟ وأرى أن يجوز في سفر الصيد ويمنع في سفر المعصية انتهى. قال ابن ناجي في شرح المدونة. فظاهره أن القول بالتحريم في صيد اللهو ثابت انتهى. وظاهر المدونة خلافه قال فيها: وإن كان اللهو فلا أحب له أن يقصر