مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٣٧٧
جمع بالناس إلا أنه ما واظب خشية أن تفرض عليهم فعقلوا أن الترك إنما هو لأجل العلة المذكرة. فلما زالت بأمنهم تجدد الاحكام بعد وفاته عليه الصلاة والسلام فعلوا ما علموا أنه كان مقصوده فوقعت المواظبة في الجمع بهم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام أمرا لم يكن فسميت بذلك بدعة إلا أن له أصلا في الجواز على ما بيناه فلم تكن في الحقيقة بدعة. وأما وقتها فبعد صلاة العشاء وقبل الوتر من خط القاضي جمال الدين الأقفهسي انتهى.
وقال الشيخ أحمد زروق في شرح الارشاد: وكونها بعد صلاة العشاء وقبل الوتر هي السنة انتهى.
وقال الجزولي في الشرح الكبير قول الرسالة: والقيام فيه في مساجد الجماعات بإمام يعني بعد صلاة العشاء، وأما من يصلي قبل صلاة العشاء فلا فرق بينه وبين سائر النوافل. وذكر بعضهم فيه قوله أنه يجوز ونسبه لابن أبي زيد ولكنه غير بين والصحيح بعد صلاة العشاء انتهى. وسئل عز الدين عمن يصلي قيام رمضان قبل العشاء هل يكون فاعلا للقيام المشروع أم لا؟ فأجاب بأن قيام رمضان إنما هو بعض العشاء. البرزلي: قد يتخرج على القول بتقديم الوتر عقيب العشاء الآخرة ليلة الجمع ويجمعه الامام بالأميين للضرورة أن يكون القيام، كذلك إذا اضطر إليه لخوف التجمع وجهل كثير الجماعة بالقراء. انتهى من البرزلي. وقال الشيخ أبو الحسن في الشرح الكبير في آخر كتاب الصيام: ووقته بعد صلاة العشاء، وأما ما قبل صلاة العشاء كما يفعله بعض البلاد إذا أفطروا أتوا المسجد ثم يصلون إلى أن يغيب الشفق ثم يصلون العشاء ثم يصلون ما بقي لهم وينصرفون، فليس ذلك من القيام المرغب فيه وهو مكروه من وجهين: أحدهما فعله في غير وقته، والثاني تنفلهم في جماعة وذلك لا يجوز، إلا في القيام المعهود، فإن السنة في هذا القيام أن تكون بالليل كذلك فعل السلف والخلف. وقد ذكره بعض الناس قيامهم كذلك في غير رمضان لأن ذلك ليس بقيام السلف، وانظر على هذا لو جمعوا المطر لمن شاء ذلك أن يفعله قبل مغيب الشفق وليس له ذلك إلا بعد مغيب الشفق كما ليس له تقديم الشفع والوتر قبل مغيب الشفق انتهى. وفي كلام ابن عرفة إشارة إلى ذلك ونصه: ومن دخل وهم يصلون وعليه العشاء قال ابن حبيب: له تأخيرها للدخول معهم ما لم يخرج مختارها. وروى ابن وهب وابن نافع: لا يؤخرها. وروى ابن القاسم: يصليها وسط الناس ومرة بمؤخر المسجد ونحوه للجلاب.
قلت: مقتضاه عدم إجزاء القيام قبل العشاء كفعل بعض أهل العلم في زماننا بالصيف انتهى. وفي الآبي شرح مسلم: المعروف أنه بعد العشاء الآخرة، فلو أراد الامام أن يقدمه عليها منع. وكنت إماما بجامع التوفيق وهو بالربض فصليته قبل العشاء فدخلت فلقيني شيخنا أبو عبد الله محمد بن عرفة فقال لي: من استخلفت يصلي لك القيام؟ قلت: صليته قبل العشاء ودخلت. فقال لي: أعرفك أورع من هذا وهذا لا يخلصك انتهى.
فرع: تكره التراويح لمن عليه صلوات. نقله ابن فرحون في الألغاز عن مسائل ابن قداح.
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»
الفهرست