فالشك المستنكح هو أن يعتري المصلي كثيرا بأن يشك هل زاد أو نقص ولا يتيقن شيئا يبني عليه. وحكمه أنه يلهو عنه ولا إصلاح عليه ولكنه يسجد بعد السلام وإليه أشار بقوله أو استنكحه الشك ولها عنه. والشك غير المستنكح كمن شك أصلى ثلاثا أم أربعا وحكمه واضح وإليه أشار بقوله كمتم الشك ومقتصر على شفع. والسهو المستنكح هو الذي يعتري المصلي كثيرا، وهو أنه يسهو ويتيقن أنه سها، وحكمه أن يصلح ولا سجود عليه وإليه أشار بقوله لا أن استنكحه السهو ويصلح. والسهو غير المستنكح هو الذي يعتري المصلي كثيرا، وحكمه أن يصلي وسجد حسبما سها من زيادة أو نقص وإليه أشار بقوله سن لسهو وإن تكرر بنقص سنة مؤكدة أو مع زيادة سجدتان قبل سلامه وبقوله وإلا فبعده.
الثاني: قال الجزولي: انظر هل هناك تحديد للاستنكاح حتى يقال من يشك مرتين في اليوم أو مرة في اليومين يسمى مستنكحا أم لا؟ فقيل: أما إذا شك في اليوم مرة فهو مستنكح، وإن شك مرة في السنة أو في الشهر فليس بمستنكح، وإن كان يشك من يومين أو ثلاثة - الشيخ والله أعلم - أنه غير مستنكح انتهى. وقال الشيخ يوسف بن عمر: والاستنكاح هو الدخول أي يدخله الشك كثيرا، وكثرته إذا كان يطرأ له في كل وضوء أو في كل صلاة أو يطرأ له ذلك في اليوم مرتين أو مرة، وإن لم يطرأ له ذلك إلا بعد يومين أو ثلاثة فليس بمستنكح، فالاستنكاح محنة وبلية، ودواء ذلك الالهاء عنه وإلهاؤه عنه أنه إذا قال له ثلاثا صليت أم أربعا فيقول له أربعا، وإذا قال له اثنتين صليت أو ثلاثا فإنه يقول له ثلاثا، وإن قال له صليت أو ما صليت فيقول له صليت، وإن قال له توضأت أو ما توضأت فيقول له توضأت، فإذا رد عليه هذه الأشياء فإنه ينتفي عنه انتهى. ونحوه للشيخ زروق في شرح الرسالة في باب جامع في الصلاة.
الثالث: سئل أبو محمد على المستنكح يشك أبدا في الصلاة فيزيد ركعة إلغاء للشك، هل زيادته توجب سجودا أو بطلانا أو لا توجب شيئا لاستنكاحه؟ فأجاب: إذا كان جاهلا يتأول الزيادة جبرا للنقص فصلاته صحيحة. قلت: فلو كان عالما قال: ليس هذا بعالم بل مقصر في العلم وحكمه ما ذكرت لك، والاستنكاح تخفيف فلا ينتهي لزيادة تؤدي إلى فساد الصلاة ويسجد هذا بعد السلام. قلت: وهل لا قبل السلام لأنه شك في النقص فقال: لم ينقص لكنه ظن النقص. قلت: إن كان هذا ممن تعرض له الشكوك عموما فهو كما قال الشيخ وتقدم حكمه، وإن كان يعرض له الشك في نقص الركعات ويتكرر منه فالصواب أن الآتي بذلك لا يقال زاد عمدا لأنه الواجب عليه لولا كثرة الشكوك، ولعل هذه المسألة تجري على مسألة من يتكرر منه إعادة الصلاة لكثرة العوارض من القبلة وترك الخشوع وغير ذلك، وهي مسألة اختلف فيها القرويون هل ذلك محمود أو من باب التعمق في الدين انتهى. ص: