المأموم لو كان بين يدي الامام لم يكن عليه أن يرد وجهه والنية تجزئه في ذلك انتهى. وقال الشيخ يوسف بن عمر: قوله: قبالة وجهه أي قبالة المأموم، وقوله: يشير إليه قيل: بقلبه، وقيل: برأسه إذا كان أمامه وإن كان خلفه أو على يمينه أو على يساره ترك الإشارة برأسه لأنه لا يمكنه ذلك انتهى. وقال الجزولي: قوله: يشير إليه يريد إذا كان أمامه أو عن يمينه أو عن يساره، وأما إذا كان خلفه فيشير إليه بالنية. وقيل: الإشارة هنا بالقصد إلى الامام وهو الذي ارتضاه الشيخ انتهى. كأنه يعني بالشيخ نفسه وهذا هو الظاهر أن المراد بالإشارة القصد لا الإشارة بالرأس. وإذا قلنا: إن المراد الإشارة بالرأس فإن كان خلفه لم يشر إليه، وإن كان عن يمينه أو شماله فالظاهر أنه لا يشير إليه كما قال الشيخ يوسف بن عمر خلافا لما قاله الجزولي فتأمله والله أعلم.
التاسع: قال ابن بشير: ويقصد الامام بها - أي بالتسليمة - الخروج من الصلاة والسلام على الملائكة ومن معه من المقتدين، ويقصد الفذ الخروج من الصلاة والسلام على الملائكة، وأما المأموم فيسلم أولا تسليمة يشير بها إلى يمينه. ثم اختلف هل يبتدئ بعدها بالرد على الامام أو بالسلام على من على يساره من الملائكة والمصلي؟ وإذا قلنا: إنه يبتدئ بالرد على الامام فلا يسلم عن يساره إلا أن يكون هناك أحد من المصلين يرد عليه، وهذا راجع إلى النقل انتهى. وقال في التلقين: والمأموم يسلم اثنتين: ينوي بالأولى التحليل وبالثانية الرد على الامام، وإن كان على يساره من سلم عليه نوى الرد عليه انتهى. وقال في الذخيرة: قال صاحب الطراز: وعندنا لا يرد على الامام تسليمة التحليل لأنه يصير بمنزلة المتكلم في الصلاة انتهى.
والذي في الطراز بعد أن حكى عن الشافعي أنه ينوي المأموم بالأولى التحليل والحفظة والامام إن كان على يمينه ومن على يمينه من المأمومين، ووجه المذهب أنه سلام يتحلل به من الصلاة فلا يجوز أن يقصد تحية مخلوق ولا مخاطبته كما لا يجوز أن يقصد به الرد على من يسلم عليه من عابري السبيل أو التحية على من حضر من غير المصلين انتهى.
العاشر: لم يذكر المصنف حكم الامام والفذ إلا ما يفهم من كلامه أنه لا يسلم كل واحد منهما إلا تسليمة واحدة، وهذا هو المشهور في المذهب. قال في التوضيح: وقد قال مالك: إن على ذلك العمل ولفظه على ما نقل ابن يونس: وقد سلم النبي (ص) واحدة كذلك وأبو بكر وعثمان وغيرهم. قال مالك في غير المدونة: وكما يدخل في الصلاة بتكبيرة واحدة فكذلك يخرج منها بتسليمة واحدة، على ذلك كان الامر في الأئمة وغيرهم، وإنما حدث التسليمتان منذ كان بنو هاشم انتهى، كلام التوضيح، وأصله في آخر رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم وفي رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب من كتاب الصلاة قال في الطراز:
فاحتج مالك بالامر الذي أدرك عليه الناس وهو أقوى عنده، فإن الصلاة مشروعة على الجميع مطلوبة من الكافة فلا يثبت فيها مطلوب إلا بأمر مستفيض، والمرجع في ذلك إلى العمل