الامام والذي في كلام الباجي في المنتقى عن القاضي عبد الوهاب ونقله صاحب الطراز عن الباجي أنه على هذا القول يقصد بها الرد على الامام وعلى المأمومين. قال في المنتقى: يسلم المأموم تسليمتين: إحداهما عن يمينه يتحلل بها من الصلاة، وأخرى يرد بها على إمامه. وهل يرد بتلك الثانية على من كان على يساره أو يسلم ليرد عليهم تسليمة ثالثة؟ قال القاضي: ذلك مختلف فيه انتهى. واختار هذا القول ابن العربي في المسالك إلا أن ظاهر كلام الجماعة المتقدمين أن المأموم يسلم الثانية تلقاء وجهه. وقال ابن العربي: إنه يسلم الثانية عن يساره ونصه: الذي أقول به أنه يسلم اثنتين واحدة عن يمينه يعتقد بها الخروج من الصلاة، والثانية عن يساره يعتقد بها الرد على الإمام والمأمومين، والتسليمة الثالثة احذروها فإنها بدعة لم تثبت عن النبي (ص) ولا عن الصحابة، وحديث عائشة معلول انتهى.
القول الثاني: إنه يسلم ثلاث تسليمات لكنه يبدأ بالرد على اليسار قبل الرد على الامام، وهذا القول رواية أشهب عن مالك. والقول الآخر: إنه مخير في ذلك حكاه القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة رواية، فيتحصل في سلام المأموم أربع روايات واستدل في المدونة للمشهور بما رواه ابن القاسم عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يسلم عن يمينه ثم يرد على الامام، ثم إن كان على يساره أحد رد عليه. وقال في الطراز: الأصل في الرد على الامام ما رواه أبو داود عن سمرة بن جندب أمرنا النبي (ص) أن نرد على الامام وأن يسلم بعضنا على بعض. قلت: وهو حديث ضعيف. وقال في الذخيرة: يسلم المأموم على يمينه ثم على الامام لما في أبي داود: أمرنا عليه الصلاة والسلام ثم ذكر التشهد وقال: ثم سلموا على اليمين ثم على قارئكم ثم على أنفسكم، ووجه تقديم الرد على الامام على الرد على اليسار أن سلامه سبق سلام غيره فيكون الرد عليه سابقا. ووجه القول بتقديم الرد على اليسار على الرد على الامام هو ما قال صاحب الطراز: إن جواب التحية يجب اتصاله بها لقوله تعالى: * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) * والامام قد انقطع اتصال تحيته بسلام المأموم، فإذا انخرم ذلك في حقه فلا ينخرم في حق المأموم مع إمكانه. ونقله التلمساني وقال: لأن رد التحية واجب ويجب اتصاله بها إلى آخره. ونقله القرافي. وقال ابن العربي في المالك: لان من سنة الرد الاتصال. ووجه القاضي عبد الوهاب هذه الرواية بأن من في اليسار خصه بالسلام بخلاف الامام فإنه رد عليه في عموم المأمومين، فمن خصه بالتسليم فهو أولى بالتقديم.
ووجه الرواية بالتخير تعارض مقتضيات التقديم مع الاتفاق على أن ذلك على جهة الأولى ووجه الرواية بالاقتصار على التسليمتين. قال القاضي عبد الوهاب: إنه لم يرد في شئ من الروايات أكثر من تسليمتين. وقال الباجي: إنه لو لم يجز أن يرد على الإمام والمأمومين تسليمة واحدة، وجب أن يفرد كل واحد منهم بتسليمة قال صاحب الطراز: وفيه نظر لأنه لا يرد على جميع المأمومين فالأولى أن يقال: لأن المقصود الرد فأجزأ فيه سلام واحد كمن سلم عليه