من لم يقصد السلام عليه، بل على من حلف أن لا يسلم عليه ولا يحنث بذلك انتهى. ونقله التلمساني والقرافي في شرح الجلاب والذخيرة باختصار، ونص كلامه في شرح الجلاب: فإن كان على يساره مسبوق قال سند: يحتمل عدم الرد لتأخير سلامه، ويحتمل الرد لأنه لا بد منه. انتهى وهو كلام حسن، وفيه ميل إلى ترجيح السلام على اليسار حذا كان فيه مسبوق قام للقضاء. قلت: وهو ظاهر قول المصنف وبه أخذ، وهو الظاهر إن كان المسبوق أدرك من صلاة الامام ركعة فأكثر، وإن لم يدرك ركعة فلا يسلم عليه. ولا يدخل في كلام المصنف لما سيأتي في التنبيه الخامس والسادس ما قلنا: إنه ظاهر كلام المصنف. قال ابن ناجي في شرح المدونة:
وهو ظاهر كلام المدونة وكلام ابن الحاجب لكنه خلاف قول أبي محمد في الرسالة. ويرد أخرى على من كان سلم عليه عن يساره فإن لم يكن عليه أحد لم يرد على يساره شيئا قال:
وما ذكرناه من مخالفة قول الرسالة لقول غيرها أول ما سمعته من شيخنا أبي بكر الصفاقسي ذكره في درس شيخنا الشبيبي وسلمه. ويمكن أن يقال: قول الرسالة مفسر لغيرها انتهى. وقال في شرح الرسالة: ظاهر كلام الشيخ أنه لو كان على يساره مسبوق لا يسلم عليه، وظاهر كلام ابن الحاجب أنه يسلم عليه ولم يزد على هذا انتهى. قلت: والظاهر أن يؤول كلام الرسالة ويوفق بينه وبين غيره فيقال: إنه خرج مخرج الغالب فلا يعمل بمفهومه. ونبه الجزولي والشيخ يوسف بن عمر على أنه يؤخذ من الرسالة أنه لا يسلم على اليسار إذا كان فيه مسبوق ولم يذكرا خلافه، وكذا الشيخ زروق ولكنه أشار إلى الخلاف فقال في قول الرسالة: فإن لم يسلم عليه أحد لم يرد على يساره شيئا فلا يسلم على مدرك هناك، لأنه لم يسلم عليه ويسلم على من قد قام من إمام ومأموم إذا سلم عليه، وفي كلها اختلاف انتهى. وقال البساطي في شرح كلام المصنف: إذا كان على اليسار مسبوق فهل يرد عليه؟ فيه قولان. واحتمال كلامه لهذا فيه بعد انتهى. قلت: ظاهر كلامه وكلام الشيخ زروق أن الخلاف في ذلك منصوص ولم أقف عليه، ولعلهما أشار بالخلاف إلى ظاهر كلام الرسالة وكلام غيرها والله أعلم. وذكر الشارح في الكبير الاحتمالين اللذين ذكرهما في الطراز لكن باختصار كما ذكرهما في الذخيرة. وقوله في الطراز: يمنة ويسرة هو بفتح أولهما.
الخامس: اختلف في سلام المسبوق إذا فرغ من صلاته فقيل: كسلام الفذ، وقيل كسلام المأموم، وهما روايتان عن مالك حكاهما اللخمي والمازري وابن الحاجب وغيرهم. قال في التوضيح: واختار ابن القاسم أنه يرد على من سلم عليه انصرف أم لا انتهى. قال المازري في شرح التلقين: علل بعض المتأخرين ثبوت سلام الرد بأن حكم الامام باق عليه في فضائله، وعلل بقية بأن من سنة الرد الاتصال بسلام الابتداء فإذا لم يوجد الاتصال لم يثبت الرد، وهذا التعليل يقتضي وجود الخلاف. وإن كان من يرد عليه حاضرا وأشار بعض أشياخي إلى أن الخلاف لا يتصور مع حضور من يرد عليه، وإنما يتصور مع غيبته، انتهى باختصار ونقله