السيلان قولين. قال البرزلي بعد أن ذكر عن سحنون نحو ما تقدم عن ابن محرز وإلى هذا ذهب غير واحد من الشيوخ.
فائدة: حكى عياض خلافا في ضبط قوله قطر هل هو فعل ماض أو مصدر منون.
الخامس: التقليل مستحب مع الاحكام كما تقدم في الرسالة. قال الشيخ يوسف بن عمر: وقد قال في الرسالة بعد ذلك: وليس كل الناس في أحكام ذلك سواء وإنما يراعى القدر الكافي في حق كل واحد، فإذا زاد على قدر ما يكفيه فهو بدعة، وإن اقتصر على قدر ما يكفيه فقد أدى السنة انتهى. وقال الفاكهاني بعد أن ذكر قول أبي إسحاق بالتحديد بالمد والصاع: وهذا لا معنى له وإنما هو على حسب حال المستعمل وعادته في الاستعمال لان الله سبحانه أمر بالغسل ولم يقيده بمقدار معين وذلك من لطف الله تعالى بخلقه إذ لو كان فيه حد للزم الحرج لما علم من اختلاف عادات الناس، فمنهم من يكفيه اليسير لرفقه، ومنه من لا يكفيه إلا الكثير لإسرافه، فلو كان فيه حد لوجب أن يفارق كل واحد عادته ويستعمل من يكفيه اليسير زيادة على ما يحتاج إليه، ويقتصر من لا يتمكن من أداء الواجب إلا بالكثير على ما لا يمكنه أداء الواجب معه وهذا فاسد وإذا علم هذا فالمستحب لمن يقدر على الاسباغ بالقليل أن يقلل الماء، ولا يستعمل زيادة على الاسباغ انتهى.
السادس: علم من هذا أن السرف هو ما زيد بعد تيقن الواجب، وهو مكروه على ما نص عليه الشيوخ كما ستقف عليه. ويؤخذ من القول الذي يذكره المصنف في منع الرابعة أنه ممنوع.
قال الشيخ زروق: السرف الاكثار في غير حق، والغلو الزيادة في الدين. وقوله في الرسالة والسرف فيه غلو وبدعة قال في شرحه الشيخ زروق، والبدعة لغة المحدث وفي الشرع إحداث أمر في الدين يشبه أن يكون منه وليس منه ومرجعه لاعتقاد ما ليس بقربة على وجه الحكم بذلك، وهذا منه لمن يراه كمالا، فأما من يعتريه ذلك من وسوسة يعتقد نقصها وأن ما يفعله من ذلك مخالف للأصل، فلا يصح كونه منه بدعة، إلا من حيث صورته، ثم البدعة محرمة ومكروهة ولا يمكن أن يبلغ بهذه حد التحريم لأنها لم تعارض واجبا ولا رفعت حكما أصليا، وقد نص في النوادر على الكراهة انتهى. وقال البرزلي: روينا عن النووي الاجماع على أنه لا يجوز السرف في الطهارة ولو كان على ضفة النهر، وهو معنى ما في الرسالة والسرف فيه غلو وبدعة. وهذا كله في غير الموسوس، وأما الموسوس فهو شبيه بمن لا عقل له فيغتفر في حقه لما ابتلي به انتهى، ولفظ النوادر والقصد في الماء مستحب والسرف منه مكروه انتهى. ونقله عنها الشيخ يوسف ابن عمر وغيره وصرح ابن العربي أيضا في العارضة بأن السرف مكروه. ووعد القاضي عياض والشبيبي في " مكروهات الوضوء الاكثار من صب الماء، وتقدم عند قول المصنف لا أن عسر الاحتراز منه أو كان طعاما عن ابن ناجي أنه قال: الأظهر أنه مكروه كراهة تنزيه والله أعلم، وسيأتي في كلام سند عند قول المصنف وشفع غسله أنه مكروه والله أعلم.