فصل التيمم لما ذكر الطهارة المائية بقسميها وما ينوب في غسل بعض الأعضاء، ذكر ما ينوب عن غسل جميع الأعضاء في الوضوء والغسل وهو التيمم، وهذا هو المعروف أعني كونه نائبا عنهما. وقال ابن ناجي في شرح المدونة: وفي كونه أصلا أو نائبا عن الوضوء والغسل خلاف. وهو لغة القصد قال الله تعالى: * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) * (البقرة: 267) أي تقصدونه وشرعا. قال في التوضيح: طهارة ترابية تشتمل على مسح الوجه واليدين. وقال ابن ناجي: طهارة تستعمل عند عدم الماء أو عدم القدرة على استعماله. وزاد المناوي بعد قولنا طهارة ترابية ضرورية. وتبعه شيخنا الشبيبي ولا حاجة لقولهما ترابية لان المشهور أنه يتيمم على الجير وغيره مع وجود التراب، وكذلك لا يحتاج لقولهما كابن بشير وابن محرز ضرورية لان ما بعد، يغني عنه انتهى. وقوله على الجير يريد قبل طبخه كما سيأتي، ولا اعتراض عليهما. وقولهما ترابية لان المراد التراب وما هو من جنسه. وقال ابن رشد:
طهارة ترابية تفعل مع الاضطرار دون الاختيار. والأصل في مشروعيته قوله تعالى: * (وإن كنتم مرضى أو على سفر) * (النساء: 184) الآية. وأحاديث يأتي بعضها ومنها حديث مسلم جعلت لنا الأرض مسجدا وتربتها طهورا وحديث الصحيحين جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وانعقد الاجماع على مشروعيته وعلى أنه من خصائص هذه الأمة لطفا من الله بها وإحسانا، وليجمع لها بين التراب الذي هو مبدأ إيجادها والماء الذي هو سبب استمرار حياتها إشعارا بأن هذه العبادة سبب الحياة الأبدية والسعادة السرمدية جعلنا الله من أهلها. وقيل في حكمة مشروعيته أن الله سبحانه لما علم من النفس الكسل والميل إلى ترك الطاعة، شرع لها التيمم عند عدم الماء لئلا تعتاد بترك العبادة فيصعب عليها معاودتها عند وجوده. وقيل: يستشعر بعدم الماء موته وبالتراب إقباره فيزول عنه الكسل. ذكر هذه الأقوال