بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، الذي أنزل كتابه المبين، على رسوله الصادق الأمين، فشرح به صدور عباده المتقين، ونور به بصائر أوليائه العارفين، فاستنبطوا منه الأحكام، وميزوا به الحلال من الحرام، و بينوا الشرائع للعالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ظهير له ولا معين، شهادة موجبة للفوز بأعلى درجات اليقين، ودافعة لشبه المبطلين وتمويهات المعاندين.
وأشهد أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبده و رسوله سيد الأولين والآخرين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، المبعوث لكافة الخلائق أجمعين، القائل: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) (1)، صلى الله عليه وآله وسلم وعلين آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد.
فخير العلوم وأفضلها وأقربها إلى الله وأكملها علم الدين والشرائع، المبين لما اشتملت عليه الأحكام الإلهية من الأسرار و البدائع، إذ به يعلم فساد العبادة وصحتها، وبه يتبين حل الأشياء وحرمتها، ويحتاج إليه جميع الأنام، إذا به يعلم فساد العبادة وصحتها، وبه يتبين حل الأشياء وحرمتها، ويحتاج إليه جميع الأنام، ويستوي في الطلب به الخاص والعام. فهو أولى ما أنفقت فيه نفائس الأعمار، وصرفت إليه جواهر الأكفار، واستعملت فيه الأسماع والأبصار، وقد أكثر العلماء رحمهم الله في ذلك من المصنفات، ووضعوا فيه المطولات والمختصرات.
وكان من أجل العلماء رحمهم الله في ذلك من المصنفات، وضعوا فيه المطولات والمختصرات.
وكان من أجل المختصرات على مذهب الإمام مالك، مختصر الشيخ العلامة ولى الله تعالى خليل بن إسحاق الذي أوضع به المسالك، إذ هو كتاب صغر حجمه، وكثر عمله، وجمع فأوعى، وفاق أضرابه جنسا ونوعا، واختص بتبيين ما به الفتوى، وما هو الأرجح والأقوى، لم بسمح قريحة بمثاله، ولم ينسج ناسج على منواله، إلا أنه لفرط الإيجاز، كاد يعد من جملة الألغاز. وقد اعتنى بحل عبارته، وإيضاح إشارته، وتفكيك رموزه، واستخراج مخبآت كنوزه، وإبراز فوائده، وتقييد شوارده، تلميذه العلامة الهمام، قاضى القضاة تاج الدين أبو البقاء بهرام