حتى أن الخاتم يضيق في اليمنى ويتسع في اليسرى، ومن اعتبر ذلك وجده مقتضى الخلقة الأولى، وأما الأذنان ونحوهما فمستويان في المنافع انتهى مختصرا.
قلت: يفهم منه أن الأعسر يقدم اليمنى وهو ظاهر قوله وإناءان فتح يعني أن من فضائله أيضا أن يكون الاناء على يمين المتوضئ إن كان مفتوحا. وقد نص ابن يونس وابن رشد على أن جعل الاناء على اليمين من فضائل الوضوء. قال في الذخيرة: لفعله عليه الصلاة والسلام ولأنه أمكن. قال: واعلم أن هذه الأمكنية إنما تتصور في الأقداح وما تدخل الأيدي فيه، وأما الأباريق فالتمكن إنما يحصل بجعله على اليسار ليسكب الماء بيساره في يمينه انتهى.
قلت: قال عياض: الاختيار فيما ضاق عن إدخال اليد فيه وضعه على اليسار ونقله ابن عرفة وابن ناجي وغيرهما.
تنبيه: قال ابن بشير: وأما وضع الاناء على اليمين الصحيح أنه لا يلحق بدرجة الفضائل لأنه لم يرد أمر بذلك، وقد لا يتيسر ذلك في كل الأواني انتهى. وهذا والله أعلم على سبيل البحث منه وإلا فقد عده هو في فضائل الوضوء ومستحباته في كتاب التنبيه له وفي كتاب التحرير له والله تعالى أعلم. ص: (وبدأ بمقدم رأسه) ش: يعني أن من فضائل الوضوء أن يبدأ المتوضئ في مسح رأسه بمقدمه. قال ابن بشير: لان ذلك هو الوارد في حديث عبد الله بن زيد وهذا هو المشهور. قال في التوضيح: وحكى ابن رشد فيه قولا بالسنية. وفي المذهب قولا أنه يبدأ من مؤخر رأسه. وقيل: إنه يبدأ من وسطه ثم يذهب إلى, حد منابت شعره مما يلي الوجه ثم يردهما إلى قفاه ثم يردهما إلى حيث بدأ انتهى.
فائدة: سبب الاختلاف قوله في حديث عبد الله بن زيد مسح رأسه بيديه، أقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه فقيل: الواو لا تقتضي الترتيب، والمراد أدبر بهما وأقبل وكذلك وقع في بعض طرق الحديث. وعلى الرواية المشهورة فقال ابن بشير: بدأ بذكر الاقبال تفاؤلا. وقيل:
المراد أقبل بهما على قفاه وأدبر بهما عن قفاه، فإن الاقبال والادبار من الأمور النسبية. وقيل:
بدأ من وسط رأسه وأقبل على وجهه كما تقدم، ويمنع هذا قوله في الحديث بدأ بمقدم رأسه والله تعالى أعلم.
فائدة: قال في التنبيهات: مقدم رأسه ومؤخره بفتح ثانيه وتشديد الدال والخاء هذا هو المعروف وفيه لغة أخرى، مقدم ومؤخر مخفف، والثالث مكسور ونقله أبو الحسن.
تنبيهان الأول: قال ابن راشد في شرح ابن الحاجب قال ابن بشير: الابتداء بالمقدم غير خاص بالرأس بل هو عام في سائر الأعضاء انتهى. وعد صاحب الطراز في فضائل الوضوء