مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٩
ملحوظ في ذلك الاسم وإلا فشرط المشتق أن يكون مسبوقا بالمشتق منه، وأسماء الله تعالى قديمة لأنها من كلامه حتى أنكر قوم إطلاق الاشتقاق للإيهام وقالوا: إنما يقال في مثل اسمه السلام فيه معنى السلامة، وفي الرحمن فيه معنى الرحمة. قالوا: والأشياء مشتقة من الأسماء لحديث: (هي الرحم وأنا الرحمن اشتققت لها اسما من اسمي). وقال حسان:
فشق له من اسمه ليجله - فذو العرش محمود وهذا محمد وفيه نظر.
الثانية: نقل الدماميني في حاشية البخاري عن بعض المتأخرين أنه قال: صفات الله تعالى التي على صيغة المبالغة كرحيم وغفور كلها مجاز إذ هي موضوعة للمبالغة ولا مبالغة فيها، لأن المبالغة هي أن تثبت لشئ أكثر مما له، وإنما يكون ذلك فيما يقبل الزيادة والنقص، وصفاته تعالى منزهة عن ذلك قال: وهي فائدة حسنة انتهى. ص (يقول الفقير المضطر لرحمة ربه المنكسر خاطره لقلة العمل والتقوى خليل بن إسحاق المالكي) ش: أتبع المصنف البسملة بالتعريف بنفسه ليعلم بذلك من يقف على كتابه، فإنه من الأمور المهمة التي ينبغي تقديمها، ولأن الألفاظ التي ذكرها مشتملة على الثناء على الله تعالى ففيه البداءة بالحمد، والفقير هو المحتاج الذي لا شئ له، والمضطر الشديد الحاجة الذي لا يرى لنفسه شيئا من الحول والقوة، ولا يرى شيئا من الأسباب يعتمد عليه كالغريق في البحر، والضال في الفقر لا يرى لإغاثته إلا مولاه، والفقر والمسكنة لا زمان للاضطرار وذلك موجب لإسراع مواهب الحق للعبد، وتقدم تفسير الرحمة. والرب في الأصل مصدر بمعنى التربية وهي تبليغ الشئ إلى كماله شيئا فشيئا، ثم سمى به المالك لأنه يحفظ ما يملكه ويربيه ولا يطلق على غيره تعالى إلا مقيدا. قال القرطبي في تفسير سورة الفاتحة: متى دخلت اللام و الألف على رب اختص بالله تعالى لأنها للعهد، وإن حذفت صار مشتركا بين الله تعالى وبين عبادة انتهى. والضمير في (ربه) عائد إلى اللام الداخلة على (المضطر) لأنها موصول. وعبر عن المسكنة اللازمة للاضطرار بقوله (المنكسر خاطره) والخاطر ما يخطر بالقلب من تدبير أوامر ونحوه، وقد يطلق على محل ذلك الذي هو القلب وهو المراد هنا. وعلل انكسار خاطره بقلة العمل والتقوى تواضعا منه رحمه الله تعالى، أو لأنه لشدة مراقبته لنفسه ومحاسبته لهم لم يرض عنها ووصفها بما قال كما هو حال العارفين جعلنا الله منهم. والتقوى من الوقاية بمعنى الصيانة وهي. في عرف الشرع. اسم لم يقي به الإنسان نفسه مما يضره في الآخرة وهي ثلاثة مراتب: الأولى: التوقي عن العذاب المخلد بالتبري عن الشرك، والثانية: تجنب ما يقتضى الإثم من فعل أو ترك، والثالثة: تجنب ما يشغل السر عن
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست